حوار مع الشاعر و الفنان الشامل العراقي كفاح وتوت
حوار مع سمير
• حاوره: سمير تلايلف
• الفنان والشاعر العراقي كفاح وتوت أهلا بك معنا من خلال هذا الحوار، لو تعرف نفسك أكثر للجمهور الجزائري والعربي، بماذا ستخبرنا؟
كفاح وتوت: أنا أؤمن بشمولية الفنان، فقد بدأت في وقت واحد بالشعر والمسرح ودرست السينما أيضا، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، وعضو نقابة الفنانين، كتبت الشعر العمودي وقصيدة النثر كذلك والقصة القصيرة، لدي مجاميع شعرية متعددة. وقد مارست المسرح منذ عام 1974، وعملت ممثلا ومخرجا في العديد من الأعمال، اهتم كثيرا بالإنسان وهمومه، وقد حصلت على مجموعة من الجوائز في الشعر والنص المسرحي والقصة القصيرة جدا، وكتب عن كتاباتي مجموعة من النقاد العراقيين والباحثين.
• بين المسرح تمثيلاً وإخراجًا والأدب شعرًا ونثرًا، أين يجد كفاح نفسه أكثر؟
كفاح وتوت: كما قلت اؤمن بموسوعية المثقف بشكل عام، وحاليا مهتم بالشعر بشكل أكثر لظروف صحية جعلتني لا أمارس المسرح حاليا إلا بالكتابة، حقيقة أجد نفسي في كل جمال وإبداع ودهشة بغض النظر عن جنس ونوع العمل، فكل الأجناس الأدبية والفنون هي محطات فكرية جمالية تجذب الإنسان، أرى أن الكتابة أسهل بالنسبة لي من الجانب العملي على المسرح بالرغم من أنني كنت أمارسه وأعيش لعوالمه من خلال وظيفتي في المسرح التربوي قبل إحالتي على التقاعد.
• حدثنا عن أعمالك التي تراها محطات مهمة في حياتك ورحلتك الفنية
كفاح وتوت: كثيرة هي الأعمال التي قمت بإنجازها في مجال المسرح أو الأدب على مدى سنوات، وحتى الأعمال التي كنت أنجزها للطلبة من أوبيرات ومسرحيات كتابة وإخراجا. كان لها وقع وتأثير بسبب توظيفي الأفكار حديثة بأسلوب جمالي يرتقي ذائقة الطالب التلميذ ويفتح آفاق تفكيره في الواقع المعاش.
المهم من الأعمال المسرحية التي أعتز بها تأليفًا وإخراجًا هي مسرحية «المجهول» التي حصلت على جائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان كربلاء الوطني للمسرح التجريبي، النص يتحدث عن الإنسان الذي يقتل غدرًا ولا أحد يهتم به ويكون مجهولا بالرغم من كونه إنسان.
وفي مجال الأدب جنس القصة القصيرةجدا فزت بالجائزة الثانية في مسابقة وطنية لما تحمل من أفكار وقيم وهموم إنسانية ومن صميم الواقع، فزت أيضا في الشعر بالمركز الثالث عن إحدى قصائدي في مسابقة وطنية. بالإصافة إلى كتابتي إلى الكثير من النصوص المهمة التي أعتبرها طفرة نوعية بالنسبة لي كونها حققت اهتماما من قبل المهتمين، مما شجعتني على التواصل واختيار الأفضل مع العمق في الأفكار التي تمس واقع وهموم الإنسان والتعبير عن طموحاته في الحياة الكريمة.
• أنت إبن العراق، عراق الفن والثقافة والإبداع، لو تضعنا في صورة المشهد الثقافي العراقي الحالي مقارنة مع ما كان عليه سابقا، ماذا يمكن أن تقول لنا في هذا الخصوص؟
كفاح وتوت: لكل فترة زمنية مواصفاتها وملامحها وميولها،
وإن كل إبداع إن لم يتنفس بشهيق عميق عبر نوافذ الحرية الحقيقية لم يستطع التعبير الحقيقي عن هموم الإنسان بشكل مباشر بل بالألغاز والإيحاء
بسبب الخوف من سطوة السلطة والرقابة، على كل حال الواقع الثقافي الحالي بالرغم من مروره بظروف عسيرة في فترات سابقة لكنه يستعيد عافيته بسبب الأنشطة المختلفة والرعاية الكبيرة من قبل الدولة، الرعاية التي أظهرت لنا أدباء وشعراء وفنانين حققوا الكثير من الإنجازات والجوائز على المستوى العربي والمحلي فضلا عن الأنشطة العديدة التي حققها إتحاد الأدباء والكتاب ونقابة الفنانين، وكذلك دار الشؤون الثقافية التابعة لوزارة الثقافة حيث قامت بطبع الكثير من الكتب المتنوعة والمشاركة في معارض عربية ودولية. الحراك الثقافي موجود لم يركد
سابقا وحاليا ولكن الإختلاف هو الحرية الفكرية التي كانت مفتقدة في الفترة السابقة.
• المثقف له دور كبير في مجتمعه لأنه من نخبة المجتمع، كعراقي أولا ثم كعربي، ومن وجهة نظرك، ماهو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقف اتجاه القضايا المحلية والعربية؟
كفاح وتوت: نعم المثقف هو القدوة وتأثيره في المجتمع هو تأثير تراكمي قد لايؤثر بشكل آني بل يكون تأثيره مستقبلا، فهو الشاهد لكل حدث ويجب أن يكون المعبر الحقيقي والصوت المدافع عن الإنسان وعن الوطن والأمة، وهو الذي يطلق أفكاره وإبداعه لهدف بناء الإنسان بناء روحيا وفكريا، مما يجعله شعلة وثابة قادرة على مواجهة التحديات والوقوف بجانب المظلوم. لا الظالم؛ وكم من الشعراء في حقب مرت كان لهم تأثيرا قويا ومباشرا في توعية وتثوير المجتمع وتنويره من أجل رفض الظلم والمطالبة بكل الحقوق المشروعة.
المثقف هو واجهة الوطن ولسان حال المجتمع، وهو سبب في تعبئة الجماهير وتثقيفها، فالمجتمعات الواعية هي التي يكون لها دور قوي لا يستطيع الأعداء أن يهيمن عليها.
• نتحدث الآن الإتحادات والنقابات الخاصة بالأدباء والفنانين العرب، هل لازالت هذه الهيئات تقوم بدورها المنوط أهم أنها مجرد شكليات وأجساد بلا روح؟
كفاح وتوت: الإتحادات والنقابات هي أساسا منظمات الهدف منها هو الدفاع عن حقوق الأديب أو الفنان وفتح الأبواب أمام مسيرته لكي يستمر ويبدع، طبعا هناك اختلاف بين دولة وأخرى في مدى فاعلية هذا الإتحاد أو النقابة تبعا التوجهات وسياسة الدولة، أعتقد أن السياسة والتحزب إذا تدخلت في أمور الثقافة قد تفسد الكثير منها. ربما هناك اتحادات شكلية وظيفتها خدمة التوجه السياسي للدولة، والقليل من الاتحادات والنقابات من لها استقلالية ومركزية، وبعضها مجرد هياكل عظمية لا وجود لها تابعة لمصالح شخصية أو سياسية.
أعتقد أن المثقف لمفرده يستطيع تحقيق الكثير دون الإتكال على إتحاد أو نقابة، طبعا المثقف الحقيقي.
• أمنحك الآن ورقة و قلم وأطلب منك أن تخط رسالة لأحدهم أو لهيئة معينة، فماذا سيكون محتوى الرسالة ولمن سترسلها؟
كفاح وتوت: أرسلها لكل سياسي وأقول له السياسيون راحلون والمثقفون باقون وهذا ما يؤكده التاريخ. فرفقا بهم فهم رسل الثقافة في المجتمع وهم الواجهة الحضارية على مدى الأزمان.
• حدثنا الآن عن مشاريعك وأعمالك المستقبلية
كفاح وتوت: لدي عدد من المجاميع الشعرية من الشعر العمودي والتفعيلة والشعر المنثور، ومجموعة قصصية، وكتاب مقالات متنوعة تتناول مواضيع مختلفة، وكذلك نصوص مسرحية ومجموعة نصوص انشادية دينية ووطنية. كذلك مجموعة نصوص انشادية للأطفال واليافعين ونصوص أوبيراتية وغيرها أهيئها للطبع بإذن الله، لتكون مضافة إلى مجموعاتي الشعرية الأربعة المطبوعة.
• قبل أن نختم حوارنا، نريد منك أن تقول شعرا نهديه لكل المتابعين
كفاح وتوت: أهديكم هذه الأبيات من الشعر العمودي:
الحالمون
هم يحلمون على مدى الايــــام
وهناك صيادون للأحـــــــــلام
وهناك زوبعة وطقس جائــــــر
يلتف حول فوائح الأنســـــــــام
وهناك حساد وحقد سافــــــــر
يعتو على الحب الكبير السامي
وهناك موت ساحق لم يكترث
يحيا على الأشــــــــلاء والآلام
وهناك من يعدو لأفق حقوله
و تعيقه العثرات في الإقـــــدام
وهناك أشياء تراها كالصروح
وأنها في أصلها كــــــــحطامِ
وهناك لا قيمٌ تزيِّن أنفساً
وقلوبهم حجر كما الأصنامِ
الطارئون لهم زمان شاســــع
يتسللون بلوثة الأوهــــــــام
والآسنون يجاهرون بحربهــــم
ضد النقاء ومن سما بســلام
هل يستوي من ضاع في وديانها
ومن استوى بطلا على الآكامِ
وهناك أنهار تجود عذوبـــــــة
تجري لتطفئ جذوة الآثـــــــام
وهناك أشجار وظل وارف
ضم الجميع بلمة كحمام.
أما من الشعر المنثور فأهديكم:
محاولة
أحاول أن أحيلها الى
أكثر من شكل
أنحت فيها أكثر من معنى
أحيلها الى أكثر من زهرة
أبهى من شجرة
من صحراء الى………أكثر من واحة
من موت الى………أكثر من عنفوان
أوغلها في أكثر من أرض
أكثر من فضاء
أسكنها راحتيّ الطيبتين
في حضن الثلج
أغسلها بالمطر
أحيلها الى أكثر من حب
والى رقّة أكثر من أنثى
وعذوبة أكثر من نهر
الى أكثر من يَم
أحاول ..وأحاول
أن أحيلها الى
أكثر من سمفونية وأغنية ونشيد
لكنها كيفما أمست
وأينما حلت
فهي المنعوتة أصلاً
بالجلمود.
لا تألف عالمَ الطين.
• وصلنا للنهاية، في الختام قل كلمة.
كفاح وتوت: الجزائر دولة الأحرار، بلد المليون شهيد ذات المواقف المشرقة تجاه قضايا الأمة، شكرا لها وشكرا لك فأنت ابنها البار الأصيل شكرا إذ منحتنا فرصة هذا الحوار العفوي والمثمر.