الصمت

✍🏻 فضيلة احمد الميموني :

هذا يوم السادس والعشرون من شهر قد شهد فصلا ٱخر من فصول الصمت. هذه المرة ، لأن صمتا أخرس فرضته اللحظة التي كثيرا ما كان يتهيب لها المجاهد حضورا. ليس خوفا ولا مهرب منها، إنما تساؤلا غامضا لم يجد لا الإجابة ولا النسيان له ولا حتى التجاهل …. لحظة كهذه كثيرا ما كان يذكرها في صمته ولم يستطع الافصاح عنها حتى لنفسه . بالنسبة بهذا الشاب النحيل والذي يتبين أنه بالكاد له القدرة على حمل كوم العظام الذي يثقل عليه الحضور ويميزه عن غيره من الناس. يلوح للناظر، وللوهلة الأولى, وكأن كوم هموم مرمي هكذا دونما نظام … حضور غاصب فرض نفسه، فرض عليه أسوا أنواع الصمت وأقساها . هذا هو باختصار أبلغ ما يعرف ويرى من المجاهد الشاب الثلاثيني عمرا بتصنيف السنين والأيام . هذه الأيام لو أنصفته فيها الظروف ، لعد من أوسم أبناء جيله . …. تجلس اللحظة المجاهد على أقرب أريكة. تجانب صمته الجاثي على كتفيه … كعادته ، لم يأبه لمن حوله. هو والتهالك وجهان واتحدا ، أغمض الجفن وكأنه يحتقن مرور الأيام التي ابتلعها فم الزمن منه دون انتباه. ولم يكن للٱخر، بعيدا عنه، معرفة بما مر به عنوة ويمر … القدر. مااستطاع اعطاءه غفوة هذه المرة وخالف سابق الأيام . معركته انطلقت معه قبل ميلاده لهذه الحياة … لاح يفكر ، كما الحال دوما معه، ليبتلع الصمت منه زفرات. يدور طنين، يرتد بين الأذن وإغماضة للعيون ، كما الصواريخ ترتج على كتلة أعلى هامته، تفور فوران مرجل حان وقت إنزاله… ماذا؟ ….ماذا يذكر؟ وكيف ستمر هذه اللحظات؟…. وجوه كثيرة حوله تحيط به ، يحسها. فيحاول تجاهل حفيف أنفاسها الذي يكره أن يفتح أهدابه عن لحظها . يرى واقعا كثيرا ما كان دائما يطوف بمخيلته مجيء وقته … يتبع. من مخطوط رواية ” منزلق ٱخر للصمت”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى