التقاء لا لقاء

الشخصية الثانية والثلاثين

✍🏻 محمد إبراهيم الشقيفي :

عندما يتفاني المرء في مجال عمله ويصل إلى درجة الإبداع بالقطع فهو يستحقك التكريم والأوسمة التي لا تمنح إلا للعظماء.
و شخصيتنا التي تلتف حول إنجازاتها ملهمة بالقدر الكافي بمواطن الجمال والتجانس الراقي. استطاعت أن تحدث ازدواجية ملحمية في المعايير ما بين السياسة الخارجية والفن التشكيلي.
عبرت الشط أميال بحرية تامة، جذبت انتباه الأنظار برقة دافئة ناعمة الملمس.
اخرجت لنا تنوعات عجيبة بألوان جميلة وكأنها تضاهي
الطبيعة، لكن التفرد عجيب
واللغة استثنائية استثمرت طاقتها الاستيعابية عبر الأحداث بالتقاط الصور الحية، ثم نسجت تلك الأفكار بحكمة وعقلانية.
لقد شغلتني مؤلفاته، احتوت جمله وعباراته كل مثقف له شغف التصميم على تحقيق ذاته تجولت في مكانة المرموق وكنيته ولقبه، أبحرت مع أمواجه رأيت عبر مشاعره شىء خفي وأخر للعلانية ظاهر بكل شفافية ووضوح.
سعادة السفير فخري( احمد عثمان) مواليد محافظة القاهرة 10/8/1934 الدبلوماسي المصري الذي أسس الحداثة في الفكر السياسي الذي أصابه بعضه شىء من الضمور العضلي
له هالة النجم لحظة سطوعه في ليلة حفتها ظلمة الليل فاضاء الفضاء مثل البدر وصار بين الكواكب بعمامة بيضاء تجوب الكون بأكمله دون نفور .
له رؤية القائد فهو رائد في العمل التوجيهي، يدرس الملف جيداً ويتقن اسلوب الدفاع غير الهزلي. طاف العالم العربي والغربي، صور لنا مئات المناظر ووثق لنا الثقافات والحضارات والفلكلورات الشعبية،
وكون علاقات متعددة مع شخصيات مؤثرة في المجتمع الدولي. كان ومازال واجهة مشرفة تعكس لنا جميعاً الجوهر الحقيقي للشخصية المصرية التي تمثل البلاد في كل مكان حول العالم.
له جانب حافل ووقفات تضامنية مع القضايا الإنسانية. يتمتع بحنكة ريادية مما اهله بأن يتولى خلال رحلته التي امتدت 37 عاما رئاسة البعثات في أكثر من دولة عربية وبرز هذا الدور السامي أثناء توليه بعض الحقائب: كسكرتير عام أو مفوض، إلى أن وصل لدرجة سفير في الخارجية المصرية مر بحقب مختلفة،
عاصر رؤساء مصر في عهود وعقود طويلة، نال الثقة المطلقة وتوج بأوسمة الاستحقاق من الطبقات بداية من الوسام الخامس إلى الوسام الثاني. وهنا لنا وقفة لازمة مع عملاق الدبلوماسيين العربية في أزمنة جادت علينا برجال عشقوا تراب الثرى المصري خاصة أمثال سعادة السفير صاحب الأفكار التي دخلت حيز التنفيذ علي الرحب والسعة بمجرد طرحها للعلن، شاهد جنود القوات المسلحة وهم يكتبون بدمائهم الزكية الطاهرة وثيقة تعهدية لحماية إحدى الدول الشقيقة من غزو محتمل كان له مكانة الملوك أصحاب الفخامة لدي الشيوخ والأمراء العرب ،
كرمه حق التكريم زعيم الأمة العربية الرئيس الراحل( جمال عبدالناصر) بوسام استحقاق من الطبقة الخامسة، قد زينه بتوقيع حي وهو من اعظم المقتنيات الثمينة والشخصية ذات الخصوصيه التي يحتفظ بها معالي السفير ولقد نلت شرف الحوار الوطني الشامل والكامل حول إنجازاته فى لقاء أبوي غير مرتب، لكن كلماته الرتيبة زينت الحديث مثل لوحاته الفنية بأنامله الرقيقة. هو فنان تشكيلي موهوب منذ المهد والحاصل على الميدالية الفضية لأول لوحة مدرسية شارك بها في المرحلة الإبتدائية.
لقد جسد ملامح وجهه فنان عالمي أراد من خلال فن النحت أن يبرز أهمية هذا الرجل الحاصل على وسام الاستحقاق الرئاسي بقرار جمهوري من الرئيس الراحل محمد أنور السادات رجل الحرب والسلام والذي استصدار خصيصاً له القرار رقم 635 عام 1973 الذي نص في مادته الثانية يمنح السيد( فخري احمد عثمان) السكرتير الأول بوزارة الخارجية وسام الاستحقاق من الطبقة الثالثة .
وكان هذا تكريماً لما قام به من أعمال وطنية صميمة.
ولا يفوتني في هذا السرد الذي استوطن مشاعري الجياشة إعجاباً بهذه القامة الكبيرة وقبل أن أذكر المهام التي تم تكليفه بها من رئاسة الجمهورية تجب الإشارة إلى مشاركة سعادة السفير خريج السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة في أكثر من مائة معرض بدول عديدة منها: العراق، أبوظبي، وامريكا اللاتينية.
لقد قام الرئيس الراحل( محمد حسني مبارك) بتكليف سيادته وهو وزير مفوض بمهام القنصل العام في ست جهات مختلفة على أن يكون محل إقامته فرانكفورت بتاريخ 5 مايو 1985م؛ إيماناً من القيادة السياسية والخارجية المصرية بدور هذا الرجل الداعم لسياسة بلاده، والإيمان القوي بفكره المتطور المتجدد. استطاع رجل السياسة والفن التشكيلي أن يدمج كلاهما ببعض.
إن العالم لا يخفى عليه الصراع القائم بين الكيانات الكبري التي تؤثر سلبا وإيجابا قراراتها علي الكرة الأرضية، حاول جاهدا أن يجمع بين السياسة والفن علي ضفاف النيل في بقعة ثقافية وفنية عريقة بدار الأوبرا المصرية قاعة صلاح طاهر. عرض بها لوحاته الفنية التي رسمتها أنامل الإبداع النبيلة وعلق إلى جوار ها التابوهات الفوتوغرافية التي تعكس الواقع الثقافي الحاضر لدول حول العالم بصور مختلفة وحقيقة
وعبر بوابة الفن استطاع تقريب وجهات النظر، وأن يجمع بين القطبين أمريكا، والصين عبر التواجد الفعلي في نقطة التقاء فنية غنية الروائع، جسد الخيال إلى أن صار واقعا .
أما قبل فقرة الختام فإن دوره السياسي الهام في قضية( هبه سليم) فلا يسعني سوي الوقوف طويلاً انحناء لهذا الرجل الذي فاق كل التوقعات مع التوعد عن قريب بمشيئة الله، ومحاولة إيجاد الفرصة الحقيقية لإبراز دوره الوطني في سلسلة من الروائع الأدبية.
صاحب المكتبة الوثائقية والسياسية التي عكست ثقافات رحلة كفاح طويلة في الخارجية المصرية، وهو ممثل لها في العديد من دول العالم. هذا الرجل الذي اهتم عمليا بالسياسة والفن معا. يستحق أن تضع لوحاته التي تعكس الانطباعات الفردية والجماعية بمناظر جمالية عبر صور واقعية في متحف دائم تأتيه وفود الدول من اقصي الجنوب إلي القطب الشمالي. ويجب أن تعرض دون لمس ابدعاته التي اتقنها بإحساس العقل الممزوج بألوان الوجدان الحسي خاصة ما استظهرته لوحة الجنوب التي تشكل ملامح المرأة بكل شفافية وتضعها في صورة غير قابلة للطي في موج النسيان.
لقد حافظ علي حصانته الدبلوماسية أثناء مهامه المنوط به إدارتها بتكليف رسمي. لم يسمح لأحد بأي شكل من الأشكال أن يتجاوز القوانين الدولية، فهو علي عقيدة أن أى انتهاك حقوقي هو أعتادء غير مقبول علي من يمثل السيادة. لقد ظهر ذلك في أماكن متفرقة ثم جرأته المعهودة والتي كانت محل ثقة القادة الغربيين والتي غيرت من فكرهم السياسي ومنعت فطنته قطع بعض العلاقات الدبلوماسية بعضها ببعض خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
تعلم كيف يخاطب العقل بلهجة بلده وثقافته؛ فبرع في دراسة الشخصية العربية وخاصة العراقية التي عاش علي أرضها كدبلوماسي لمدة سبعة أعوام متصلة مروراً بأبو ظبي وعلاقته الوطيدة بسمو الشيخ زايد رحمه الله والتي كان يناديه بسفير الإمارات ومصر معا. لقد حكي عن خبراته التي اكتسبها عبر سنوات العمر
في عدة مؤلفات اظن أنها
تحتاج إلى توثيق عبر دار الوثائق القومية لتكن في ارشيف المدونة الثقافية
في اكبر ذاكرة للأمة العربية.
لقد لمست أفكارنا إنجازاته
من خلال كتابه من حقبة الذكريات والتي يجب تدرس هذه النوعية من المؤلفات التي تحس على الوطنية باعرق
الجامعات الدولية ذات الاستراتيجية السياسية.
شخصيتنا السياسية الفنية الأدبية ثمنت جهده الدؤب الدولة المصرية بمنحه في ظل ثلاثة رؤساء لجمهورية مصر العربية أربعة أوسمة، وتم تسجيله في الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة التي أصدرتها وزارة الإعلام.
لقد أقام سعادة السفير خمسة عشر معرضاً فنياً، خاصة أعماله في الفنون التشكيلية بدول أروبا والعالم العربي. هو عضو اللجنة المصرية للتضامن ونقابة الفنانين والجدير بالذكر وهو ما يجعل لنا رأس مرفوعة بين الأمم أن لدينا قامات متنوعة المقامات؛ تعزف بحرية علي كل لون دون الانحراف بما يضر العلاقات الإنسانية المجتمعية. لدينا شخصية مصرية حاصلة علي وسام بدرجة كومندادو من رئيس الجمهورية الشيلية تقديراً لوعيه الدبلوماسي وإدارته للشئون السياسية، وخاصة فى ظل الأجواء الشائكة التي تخص القضايا الدولية بطريقة متزنة وصحيحة.
فقد كان خير ممثل لبلاده
علي أى أرض تطأها الأفكار المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى