(المعذرة)
قصة قصيرة
✍🏻 أحلام أحمد بكري :
يجمعهما مقر عملِ واحد..
أشتمّ عبق عطرها من بُعد ..
أهتز كمن لدغتهُ نحلة ًمباغتةً لم تتمهل في الوخز ..
خفيفة الخطوة ، كلما مرت بجانبهِ..
حديثها المبهم في هاتفها الخلوي المستمر ، لم يمكّنهُ من الحديث معها ، ولا حتى لفت نظرها أو ملاحظته..
(متمتماً بداخلهِ ..!)
لم أجني سوى الألم من هذه المرأة ، والاحتيال لتصيُّد الفرص ، والانتظار الممل..
ومازلتُ مجهول عندها وغير مرئي..
(أطلق تنهيدةً طويلة ممزوجة باليأس)
وقال محدثاً نفسه : يجب أن أترجّل وأباغتها بالحديث ، علّها تنتبه لوجودي..
نهض من مكتبهِ متجهاً ومتتبع خطاها من الخلف ، رافعاً صوتهُ منادياً باسمها..
توقفت عن سيرها و ألتفّتْ حول نفسها ناظرة للخلف..
مع هذا الإلتفات ، أنثال شعرها على وجهها وحول عنقها..
وبانت كأنها لوحة إرتجالية عشوائية ضاعت تفاصيلها عنه..
تسمّر بمكانهُ غير مدرك لما يحدث ودخل في حالة من التبلُّد..
ماكان له أن يرتجل..
لم يستدرك الواقع إلاّ بعد أن اقتربتْ منه ..
وقالتْ بصوت عملي : نعم بماذا أخدمك..؟
رد عليها بعد أن صمت برهةً من الزمن ، غارقاً بأعماقِ نفسهِ ..
كأن اقترابها منه ، عاصفة اقتلعت الصوت والحسّ..
قال لها بتردد :
(بعد أن وضع يده الأولى على خصره والثانية على رأسه )..
لا شيء..!
قالت بابتسامة مخفيه : أأنت متأكد..؟
قال لها خجلاً: لقد نسيت ما كنتُ أُريدهُ منك ؛ المعذرة المعذرة ..
(تكشّف أمامها وأصبح مرئياً بوضوح مزعج وثقيل على نفسه)..
هدأتْ حدّتها وأنخفض مستوى نبرة صوتها ، وقالت بشكل رقيق:
قاتل الله النسيان ..!
تعلم طريق مكتبي ، إذا تذكرتَ أمرك المنسي ، لتتجه إليه..
(ابتسمتْ وأدارتْ بجسدها ، عائدة لمكتبها)
شعُرَ وقتها كأنه قطعة بلور زجاجية مصقولة سقطت على قطعة من الرُّخام الناعم وتحطم وتطايرت أشلاء..