حكمة صبي

✍🏻 علي الشمري :

“كان الوقت صباحًا وبدأت تتوافد عليّ إشعارات من أجهزة مكتبية مخبوئة، تُذكرني بضرورة تناول الشاي. وبالفعل، وجدت صبيًّا صغيرًا يصبّ الشاي للمارة. جلستُ بجانبه، وعاملني بكل احترام، وصبّ لي قدحًا من الشاي. تذوقتُه، ثم عدت إلى مكاني في المقام الأول، حيث كنت أحاول إكمال بعض المعاملات الرسمية.”وفي بداية وسط النهار، توجهت خارجا أثناء انتظاري، فقلت في نفسي إنني سأشرب كأسًا آخر من الشاي. توجهت لنفس الصبي وقام فوراً بسكب الشاي لي، وجلست بجانبه وحاورته. خطرت في بالي فكرة تأليف قصة عنه، لكنني شعرت بأنها مكررة ولم تحتوي على كثير من الأحداث والحكمة. “تجاهلت الموضوع وأنا كنت أشرب الشاي، طبعت على وجه الصبي ابتسامة عريضة وقال لي: لقد انتهيت، فسأذهب. قلت له: ماذا؟ هل انتهيت من كمية الشاي التي جلبتها؟ وما زال النهار في أوله، فلماذا لم تجلب كمية أكثر لتكون رزقك وفيرًا؟””نظر إليّ بنظرة تحمل العديد من المعاني، وقال لي: لقد رُزقت بما يكفيني لاعود الى داري، فهي تُعادل ملك هارون. أنا راضٍ عما رُزقت به ولا حاجة للطمع، ثم قام بجمع جميع أغراضه وانطلق في طريقه بفرحة تشكلت حوله هالة لا الوانية تُحيط به بالكامل.” تملكتني الدهشة لرده الذي لم أتوقعه، ظننت أن الفقر سيجبره على السعي للحصول على المزيد أو حتى أن يطمع أكثر، ولكن الحقيقة كانت عكس ذلك، حيث تبيَّن أنه يمتلك من القناعة ما لا أملكه أنا والكثير من الناس. وفضَّل العودة مبكراً إلى عائلته مُحملاً بما استطاع أن يُحقق من مال. ،”أدركت أهمية اتخاذ الموضوع بجدية أكبر عند الكتابة عنه، وقد بدأت بذلك على الفور، فقد تعلمت درسًا مهمًا في متاهة هذا العالم من خلال الحكمة التي غرستها في داخلي. شكرًا لك أيها الصبي .

Related Articles

اترك تعليقاً

Back to top button