الملحمة الوطنية في صور العفية
✍🏻 د. ريم الحشار :
في صباح الثالث عشر من نوفمبر المجيد من العام 2024؛ هبة نسائم العفيه بأطياب البخور وشذى العطور لتستقبل موكبا ومحفلا ثقافيا وطنيا حَلَّ بهيجًا. وذلك؛ لإبراز القيمة المحلية المضافة لمحافظة جنوب الشرقيه ودمجها بالرمز والشعار السنوي والذي أُختيرت فيه ولاية صور العُمانية* لتكون عاصمةً للسياحة العربية .
ليتجسد من خلالها ملحمة ثقافية دمجت بين التراث والثقافة والعلم والمرآه وصحتها والتربية ومؤسسات المجتمع المدني. فقد أبحرت سفينة “الرحلة الوردية” بقيادة النوخذه* والذي يتجسد رمزيا في “أبناء صور العفيه” وفي جنباته الرعاية السامية لصاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد بن محمود ال سعيد؛ الرئيس الفخري للرابطة العمانية لسرطان الثدي ليشكلوا حدثًا إستثنائيا شهدته ولاية صور؛ يبرزون من خلاله أهمية دعم الهوية الوطنية والتراث العُماني الأصيل والدمج الأوبريتي بالثقافه العلمية والصحية ومُنجزات السلطنة بكوادرها الوطنية في حله بهية بسيطه تصل لقلب متلقيها وعقله.
وتقدم الحفل الطالب حمد العلوي من مدرسة عبدالرحمن بن عوف الخاصة في ولاية صور والمُكتسي بالدشداشة الصورية* والسباعية* والخنجر الصوري* للترحيب بالحضور والاذن برفع اشرعة الرحلة الوردية والانطلاق بقراءه عطره من الذكر الحكيم ( سورة الفتح ) و التي إسترسل بعدها بلحضة صمت لقراءة الفاتحة على باني عمان الحديثة المغفور له صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله. وبدأت الازاهيج والكلمات الترحيبية بالحضور وتقدمتها كلمة لإبنة الولاية التربوية الشاعرة الدكتورة سعيدة خاطر والتي توجهت فيها بكلمة ترحيبيه لصاحبة السمو تعكس من خلالها سعادة أهالي ولاية صور بتشريفها لرعاية الحدث. تلتها فقرة شعرية ترحيبية لطيفة ألقتها الطالبة سارة العلوي.
وفي نسمة لطيفه هب “الأزيب” برقصة ترحيبية من تقديم بنات صور العفية الصغيرات وغناء بنت الدار صاحبة الصوت الشجي نورة النظيرية ليشتد التصفيق والابتهاج من الحضور وسعادتهم بتمايل الصغيرات على النغم الصوري الجميل في لوحة شعبيه جميله وهن يكتسين دشداشة الحرجاني* والبسطه* المشغولتان بالخياطه الصوريه الدقيقه ويتزين ب الشمروخ* على الرأس وخلفهن ثلاث فتيات يكبرنهن فالعمر مكتسيات بالثوب الصوري* ويلتحفن بما يسمى محليا ب -شادر الطرح-* ذي الألوان الجميله.
وإذ بنا نُفاجأ برياح عاتية شديدة هزت رؤى السفينه وشتت الفِكر وأعمت النظر عن الحكمة والعقل؛ ودخل فيها فريق المسرح والمنتمي للجامعة التقنية والعلوم التطبيقية فرع ولاية صور ليُجسد مشهدًا مسرحيًا كتبه ابن المحافظه فايل بن سريد المطاعني والذي يَتطّرق فيه للأفكار المغلوطه لدى المجتمع عن علاجات سرطان الثدي. ومن امثلتها انه؛ مرض معدي ، او انه يعالج بالوسم، او لدى العرافين والدجالين. لتهدأ الرياح وتَخِف بالإدراك التمثيلي و الدرامي أن الأجدى والأنجع هو التوجه للمؤسسات الصحية والمختصه في العلاج بالطرق الطبية والعلمية الحديثة.
وفي لفته قِيادية؛ إجتمع الأطباء والمختصين والمنتمين للرابطة العمانية لسرطان الثدي لِيقدموا مُحتوى عِلمي وأكاديمي لتوضيح الرؤى للمجتمع وبشكل بسيط ومتكامل . قدم المحتوى كُلاًّ مِن : د. عادل العجمي، و د. ريم الحشار، و د. سالم الرحبي، و د. عبير الصائغ ، و د. سافنة السعيدي، و د. زينة الشربتي ، والاستاذه انتصار اليافعي ليتتخموا المحتوى بقصة رحلة انتصار قدمتها المنتصره على المرض عائشة العلوية والتي تصدت لسرطان الثدي باللجوء للمؤسسات الصحيه وحصولها على العلاج الطبي السليم.
لتختتم السفينة رحلتها الثقافيه والتراثيه والعلمية والمجتمعية ذات الهدف السامي في ولاية صور بازاهيج المديما والشوباني البحرية ورسوها في ميحب* متحف سفينة فتح الخير* في خور البطح بصور العمانية عاصمة السياحة العربية لعام 2024 مكملةً بذلك ملحمتها الوطنية في نوفمبر المجيد.
*ولاية صور العمانية : مدينة تاريخية عمانية وهي اول مدينة تشرق عليها الشمس فالوطن العربي. سكنها الفينيقين واتخذها مالك ابن فهم عاصمة له في عمان. وهي مركزالاسطول البحري التجاري العماني. كما اشتهرت بصناعة السفن واشهرها نوع السفن المسمى بالغنجة
*النوخذة : اسم محلي يطلق على قبطان السفينة
*الدشداشة الصورية للرجال، السباعية (نسيج ملون) ، دشداشه البنات ، الحرجاني (نسيج ملون) ، شادر الطرح (نسيج ملون) ، البسطه (السروال)، الثوب (نسيج نسائي اسود اللون) : مسميات النسيج والازياء الصورية
*الخنجر الصوري: للرجال ويتميز بالنقوش التي تجسد الامواج في زخرفتها
*الشمروخ :من المصوغات النسائيه ويلبس على الرأس)
*الأزيب: أحد أنواع الرياح موسمية المعتمد عليها في تحريك أشرعة السفن حول منطقة حوض المحيط الهندي والبحار المحيطه به.
*ميحب: مسمى محلي لمكان رسو السفن
*متحف سفينة فتح الخير: أحد المعالم الثقافية والتاريخية التي تحكي عن التراث البحري لولاية صور