من المسؤول عن أخلاق الجيل الصاعد؟
حديث الجمعة
بقلم د / سعاد حسني
يشهد الله – سبحانه وتعالى – من فوق سبع سموات لرسوله الكريم “ص” ويقول : ” وإنك لعلى خلق عظيم” كما يقول الرسول (ص) ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”. إذن الأصل والهدف في ديننا ( الإسلام) وكل الديانات السماوية هو الأخلاق. لكن في الآونة الأخيرة وبالأحرى في الخمس سنوات الماضية لاحظت فجوة فائقة بين أخلاق اليوم وأخلاق الأمس. أحسست بمرارة تؤلمني وتؤلم كل إنسان لديه أخلاق ومبادئ. شعرت بألم يقضي على كل ما هو جميل بدون مرض عضوي. شاهدت صورة مبعثرة الملامح، مخنوقة الألوان، مشتت الفكر. رأيت وجوها عابثة ليس بها النضارة، والطيبة التي تنم على جمال الروح قبل جمال الشكل والجسد. سمعت ألفاظا يندى لها الجبين خجلا، تخرجك من أدميتك وإنسانيتك، وخاصة من أطفال وشباب. أطفال المفروض أنهم ينعمون بالكلام البسيط الطيب، والإحساس المرهف، وشباب الذين هم نواة المجتمع وجوهرته. فمن المسؤل عن أخلاق هؤلاء؟ من وراء انحرافهم وانجرافهم إلى التردي الأخلاقي؟ أهو المجتمع بكل مؤسساته؟ أم هى الأسرة؟ أم هما الاثنان معا؟ إن الحالة المتردية التي وصل إليها الشباب وقبلهم الأطفال شىء مخيف ومرعب؛ ينم على غياب وغفلة الضمائر، ينم على أن مجتمعنا مهما تطور لا ننعم بهذا التطور في ظل الانعدام الأخلاقي. والذي ينم أيضا على دق ناقوص الخطر الذي يهدد المجتمع وأمنه. حينما تجد الطفل لا يتلفظ إلا بالقول المقذذ. ولا يعلق في ذهنه إلا الكلمات، والإشارات، والحوارات المنحدرة. فمن المسؤل عن هذا؟ الحقيقة إننا جميعا مسؤلون؛ المجتمع بكل مؤسساته ( تربية وتعليم – إعلام – مؤسسات دينية – مؤسسات تربوية رياضية). علينا أن نتحرى عن كل ما نقدمه لهذا الطفل الذي لا يملك من الكلام إلا ماتقدمه له. علينا أن نهتم بالمحتوى الذي نطلعه عليه . وطبعا لا نغفل دور الأسرة التي هي ركيزة المجتمع ومحوره َوالذي يسبق.دورها دور المؤسسات. فكل أب، وكل أم مسؤلون عن أخلاق أبنائهم. ولا يرمي أحد منهم مسـؤليته على الأخر. علينا جميعا أن نراجع أنفسنا، ونحي ضمائرنا تجاه أولادنا وأطفالنا. علينا جميعا أن نعترف بأخطائنا وتقصيرنا أمام الأمانة التي كتبت علينا، فالنعيد حساباتنا، ولنرتب أوراقنا ويكون لهؤلاء الأولوية في حياتنا؛ لأنهم. أمانة تستحق التضحية من أجلها.