قلب لا يعرف الحب 2
قصة قصيرة
✍️ د / سعاد حسني:
عندما سألها هذا السؤال، فى بداية الأمر لم تخبره عن إنفصالها عن زوجها؛ لعدم معرفته جيدآ، كما أن الأمر لا يهمه كثيرا. فالذي يجمع بينهما هو الإعجاب بالفن، والأعمال الأدبية، وكلامه عن عمل تلفزيوني يجمع بينهما. ولم تفكر أبدأ فى يوم من الأيام أن العلاقة بينهما تتطور إلى أكثر من هذا؛ فهى تنظر إليه إنسانا عملاقا، ناجحا، ولهذا لم تسأله عن نفسه، وعن حياته الخاصة. واستمرت الأيام بينهما، واستمرت الأحاديث عبر الهاتف (الوتس) فقط لاغير. وفى أثناء ذلك لفت نظرها بعض المراوغة والهروب من بعض الأسئلة، وحدث لها نوع من القلق. وتمنت أن يكون هذا القلق كاذبا. وفى إحدى المرات حينما سألته عن سبب تلك المراوغة، وهذا الهروب، قال لها : لأني لا أريد مضايقة زوجك. فقالت له : أنا منفصلة عن زوجي منذ سنة، ولكن ليس رسميا. فأحست وبإحساس المرأة الصادقة، فرحته عند سماعه هذا الخبر، ولا تدري لماذا؟ وبعد هذا الكلام أخذ الحديث منحنى أخر، وفاجأها ببعض الكلمات الغزالية، التي تفجرأنوثة أية امرأة من كلمات الحب والهيام .واختلف الأمر؛ فبعد أن كان متحفظا، محذرا، أصبح مترنما بكلمات الحب والغزل، وفاجأها مرة ثانية بسؤال وقع على أذنيها مثل الصاعقة. تتزوجيني يا سهير؟ وعلى الرغم من هول المفاجأة، استعملت العقل وقالت له : كده علي طول؟ فقال لها : أنا أحبك. وفى هذه اللحظة أخذ عقلها يتشتت، وقلبها يكاد يأتيه صرعة من كثرة الدقات المتلاحقة. أحوالها تلخبطت، وأخذت تسأل نفسها. معقول هذا الرجل العملاق والذي يشاور لأية فتاة صغيرة، لم تتردد فى قبول دعوته. أما أنا المرأة التى تزوجت من قبل، والتى لديها أبناء، ولهم مشاكل كأي أولاد فى سنهم يطلب مني الزواج. وهنا ساندها عقلها ووقف بجانبها، ورأت لسانها يقول له صاحكا، قف فى الطابور، وأفكر فى الأمر. وعاودا واستكملا الحديث سويا. ومرت الأيام ولكن بعد طلب الزواج منها، أخذت تفكر فيه بشكل جديد، وبقلب جديد، وأخذت تفكر فيه كزوج فعلا. وأخذ العملاق يخرج من مكمنه ألا وهو حبها له؛ فصدقته، وأمانته، وأخذت تعبر عن بعض إحساسها ببعض كلمات الحب؛ وخاصة أنها امرأة عاشت حياتها بؤسا مع زوجها، ثم إنفصالها عنه منذ عام. فأخذ قلبها يدق وكأنها بنت العشرين؛ تنتظر تليفونه، وتنتظر كلامه الجميل. ولأن الأيام تكشف كل مستور، فوجدت مع مرور الوقت أنه ما هو إلا نمر يحوم حول فريسته، وينتظر الوقوع بها. وإنه إنسان بلا قلب لا يعرف الحب، ولا يدرك معناه فى القلوب. ولا يعلم عظمته فى تأثيره على الأرواح، والنفوس. وما المرأة بالنسبة له ماهى إلا جسدا يتمتع به دون رحمة ولا هوادة. وهنا ندمت على كل دقيقة حب أحست بها من ناحيته، على كل لحظة صدق صدقته، وكل أمن أمنت به من أجله. وقطعت علاقتها به فى التو و اللحظة
؛ عندما أيقنت أنه قلب لا يعرف الحب.