ثلاث سيناريوهات محتملة لنهاية حرب السودان

" وجه الحقيقه "

✍️ إبراهيم شقلاوي :

تمر حرب السودان التي اشتعلت في منتصف أبريل من العام الماضي جراء انقلاب عسكري بواسطة مليشيا الدعم السريع بدعم إقليمي وإسناد محلي من بعض القوى السياسية اليوم بمرحلة حاسمة حيث تتجه الأمور نحو نهاية محتملة نحاول قراءتها في هذا المقال بعد مرور كل هذا الوقت على اندلاعها الذي أودى بحياة العديد من الأبرياء وتسبب في معاناة كبيرة للسودانيين ، بينما يبذل الجيش السوداني جهوداً كبيرة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام ، عليه فقد بات من الواضح أننا نتجه إلى ثلاث سيناريوهات محتملة لنهاية الحرب .

السيناريو الأول: يتضمن استمرار الجيش في العمليات العسكرية حتى يستعيد السيطرة ويبسط الأمن ويقر السلام ، رغم وجود تأييد شعبي لهذا الخيار ، إلا أنه قد يستغرق وقتاً طويلاً ويزيد من تدهور الوضع الإنساني في البلاد كذلك تعتبر الكلفة العالية لهذا السيناريو تحتاج إلى مزيد من الصبر والموارد الاقتصادية والتضحيات بالنظر إلى التحديات التي تواجه الناس في الخدمات والمعاش والصحة والتعليم إلى جانب الوضع الاقتصادي المتردي والاجتماعي المتدهور بسبب النزوح واللجوء في عدد من البلدان .

أما السيناريو الثاني فهو احتمالية الانهيار المفاجئ للمليشيا نتيجة الاحباط الذي تعيشه والضغط العسكري الهائل الذي تتعرض له وفقدانها لعدد من القادة الميدانيين وتباعد خطوط الإمداد وانعدام السيطرة من قبل قيادتها المركزية . بجانب غياب الهدف الواضح من استمرارها في العمليات العسكرية في ظل تساقط جميع الأهداف المعلنة صبيحة 15 ابريل والتي كانت السيطرة على قيادة الجيش وتحييد قائده ثم استعادة الديمقراطية ومحاربة الفلول والقضاء على دولة 1956. كل تلك الأهداف تبددت بصمود الجيش وتكتيكاته العسكرية كما كذبتها وقائع الانتهاكات الوحشية التي ظلت تقوم بها المليشيا ضد الشعب السوداني في كل مكان وطئته اقدامها .

السيناريو الثالث يتوقع استعادة الأمن والسلام عن طريق الضغوط الدولية على المليشيا ، خاصة بعد تورطها في ارتكاب جرائم وصفت بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ولايتي الجزيرة ودارفور التي أثارت استياء المجتمع الدولي وجلبت إدانات واسعة ، هذا السيناريو والذي بدا يتشكل بوضوح خلال الفترة الماضية من خلال تصاعد الادانات الدولية والنشاط الدبلوماسي للحكومة السودانية التي عكست الجرائم الوحشية التي ظل يقوم بها التمرد في قرى الجزيرة ودارفور وولاية الخرطوم عبر القصف العشوائي للمواطنين ، حيث اجتمعت على الادانات عدد من الدول الشقيقة والصديقة وجامعة الدول العربية والمنظمات الاقليمية والدولية بجانب أمريكا والإتحاد الأوروبي ومؤسسات وشخصيات دينية .

هذا النهوض المفاجئ للمجتمع الدولي ربما يجعل هذا السيناريو أقرب للتحقق حسب مراقبين خصوصا في ظل وجود إتفاق جدة للترتيبات الأمنية والإنسانية الموقع في 11 مايو من العام الماضي والذي ظلت المليشيا تماطل في تنفيذه ، فقد باتت الفرصة أمام المجتمع الدولي واسعة للضغط على المليشيا وداعميها بعد أن تشكل رأي عام ربما يمضي بقوة تجاه تصنيفها منظمة إرهابية ، لاسيما حربها أصبحت موجه بصورة مباشرة تجاه المواطن الأعزل ورأينا ذلك في عدد من الولايات وثقته كاميراتهم ووثقته تقارير المنظمات الحقوقية والإنسانية التابعة للأمم المتحدة .

وفقا لهذا السيناريو يمكنا القول أن طي ملف المليشيا و القضاء عليها لم يعد مسألة قانونية وسياسية فحسب بل أخلاقية أيضا بما تسبب فيه من إحراج لأطراف دولية وإقليمية كانت حتى وقت قريب تحاول الابقاء عليها ضمن المشهد السياسي والعسكري عبر تسوية ما ، الآن بات ذلك من الماضي هذه الحقيقة لم تدركها قيادة المليشيا وداعميها من تنسيقية تقدم التي مازالت تصر على منح الغطاء السياسي والإعلامي لها .

وفاء للشراكة التي وقعتها في اديس أبابا فبراير الماضي فيما عرف بإعلان المبادئ ، والتي لم تنتج التزما بما تم فيه من تعهدات ، هذا الأمر وجد احتجاجا واسعا من قبل الجماهير التي حاصرت قيادة تقدم أول أمس في لندن حين أقامت لقاء لمناصريها ، يرى مراقبين أن اصرار تقدم المضي في هذا الإتفاق يعتبر بمثابة شهادة وفاة يصعب بعدها عودتها للعمل السياسي وذلك بالنظر للاحتجاجات الواسعة التي قوبلت بها داخل وخارج القاعة من أفراد الجالية السودانية في لندن والذين نجحوا في احراج تقدم و في إيصال صوت الضحايا السودانيين الذين تضرروا من إنتهاكات التمرد .

بغض النظر عن السيناريو الذي قد يتجه نحوه الوضع في السودان، فإن الأهم في النهاية هو السعي نحو السلام والانتقال نحو بناء مستقبل أفضل للبلاد ، عليه ندعو من خلال وجه الحقيقة جميع الأطراف الفاعلة في هذا الصراع أن تتوحد وتتفق على حل يعيد الاستقرار والسلام إلى السودانيين ، وأن تتجاوز الخلافات السياسية لمصلحة الوطن والمواطنين. كذلك على المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية أن تدعم الجهود الرامية لإستعادة الأمن والاستقرار في السودان باتخاذ القرارات والإجراءات الرادعة ضد المليشيا المعتدية .
دمتم بخير وعافية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى