حوار مع الكاتب الجزائري زين الدين بومرزوق
كتاب و كاتب
• حاوره: سمير تلايلف
الأديب زين الدين بومرزوق أهلا بك معنا في رحاب سلسلة كتاب وكاتب التي تنظمها صفحة ثقافة نيوز الجزائرية بمناسبة معرض الكتاب الدولي سيلا 2024، بداية ماذا تعني المعارض لأستاذنا وكيف ترى معرض الجزائر مقارنة مع المعارض الدولية الأخرى؟
زين الدين بومرزوق: شكرا لكم أخي سمير على هذه الدعوة الكريمة لكي نلتقي جمهور ومتابعي ومحبي صفحة ثقافة نيوز الجزائرية للحديث عن الفعل الثقافي ضمن سلسلة في رحاب كتاب وكاتب .
جوابا على سؤالكم الأول بخصوص ماذا تعني لي المعارض، ببساطة هي واجهة ثقافية عامة ينتظرها الكتاب وأصحاب دور النشر لعرض إنتاجهم الأدبي والعلمي في مناسبة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العام، وتكون نافذة مفتوحة على العالم أي عالم الكتاب، وهي فرصة يلتقي فيها الكتاب من كل العالم من خلال إبداعهم ومؤلفاتهم التي تعرض للبيع أو من خلال الندوات المفتوحة على الجمهور والمهتمين، وبالتالي هي فرصة ذهبية يجب استغلالها جيدا بالنسبة لنا للترويج للكتاب والثقافة والإبداع الجزائري.
بالنسبة للشطر الثاني من سؤالكم، يعتبر معرض الكتاب الجزائري معرضًا مهمًا أسس لتجارب هامة، وهو من أهم المعارض على المستوى العربي الذي ينتظره الكثير من دور النشر والكتاب للالتقاء، وعليه يجب تثمين هذا المعرض.
لا يخفى على أحد أن نسبة المقروئية في الجزائر ضعيفة نوعا ما، هل مثل هاته المناسبات تشجع على إحياء المقروئية لدى المواطن الجزائري هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أين تكمن مشكلة ضعف نسبة المقروئية، هل في القارئ أم في مستوى الكتب المنشورة التي تجعل القارئ يعزف عن اقنتائها، أم المشكلة تتعداهما؟
زين الدين بومرزوق: بالنسبة للشطر الأول، المعارض تساهم بطريقة أو بأخرى في انتشار الكتاب بكل أنواعه، وفيها يجد القارئ كل ما يريده، وهي مساهمة فعالة للتشجيع على القراءة المتنوعة، ولكن حسب رأي يبقى ذلك مرتبط بدعم الكتاب وجعله في متناول القراء الذين هم في الغالب من فئة الطلبة محدودي إن لم أقل معدومي الدخل، فلا يستطيعون تغطية تكاليف الكتب التي يرغبون في اقتنائها خاصة الكتب العلمية والقانونية، أما بخصوص الكتاب الأدبي فهي معضلة أخرى أمام المؤلفين الذين يجدون أنفسهم عاجزين أمام تكاليف الطبع وفرصة بيع مؤلفاتهم بأسعار تعيد لهم جزءا من تكاليف النشر أمام رغبتهم في توزيع وانتشار أعمالهم على نطاق واسع، على كل حال ومهما يكن تبقى المعارض فضاء يشجع على إحياء المقروئية.
أما في الشطر الثاني من السؤال، فعلا سؤالكم يضع اليد على الجرح، فهو جد مهم، والحقيقة الإجابة عليه صعب لأن الدلالات والقراءات للأسباب متعددة.، ربما من وجهة نظري المتواضع هي المشكلة تبدأ من البيت وهي مسؤولية الأولياء الذين لهم دور في تشجيع أبنائهم على المطالعة في سن مبكرة، قد نقول كذلك أن المناهج الدراسية خاصة في المراحل الأولى من التعليم هي سبب عزوف الأبناء على الإقبال على القراءة بسبب الحجم الساعي الكبير للمواد الذي لا يمنح للتلاميذ وقتا للراحة والمطالعة أمام كثافة الدورس والواجبات المنزلية. ربما كذلك الظروف الإقتصادية الصعبة أمام غلاء الكتاب الذي لم يعد في متناول القراء. ربما هو كذلك مسؤولية الناشرين الذين لم يعد يهمهم المحتوى بقدر اهتمامهم بالمردود المادي على حساب النوعية والمحتوى، فأصبح كل من يملك دراهم النشر يقدم على طبع روايته أو ديوانه أو قصصه دونزمراعاة للذوق المحتوى والإبداع. كذلك سياسة وزارة الثقافة المسؤولة المباشرة على تشجيع القراءة، بمعنى المسؤولية مشتركة وعواملها متعددة يجب معالجتها بعناية دون فصل مسألة عن أخرى للوصول إلى نتائج إيجابية.
هناك منعرج آخر ألا وهو دور النشر الجزائرية التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، هل تعتبرها حالة صحية أم أنها ساهمت في تدمير الذوق الأدبي العام في الجزائر؟
زين الدين بومرزوق: باختصار شديد، أرى أن انتشار دور النشر بهذه الصفة التي نساعدها لا تعبر عن حالة صحية إطلاقًا، فقد أصبح كل من هب ودب يؤسس دار للنشر للإسترزاق دفعا لشبح البطالة، وهذه مسؤولية الهيئات الوطنية التي تمنح الإعتماد دون مراقبة لما ينشر، أقول ذلك ليس للحد من حرية الكلمة وإنما للحفاظ على الذوق العام وقيمة الإبداع. فعلا في بداية السبعينات والثمانينات كانت هناك نهضة إبداعية وأدبية قوية ببروز أسماء هي اليوم تؤثث المشهد الأدبي، ولكن في تلك المرحلة كان فرص الطبع قليلة جدا لانعدام مثل ماهو متوفر اليوم، حتى الجمعيات الوطنية التي كانت تنشط مثل اتحاد الكتاب الجزائريين وجمعية الجاحظية وإبداع كانت تهتم بعناية النشر ولكن ليس على حساب الجودة والنص الجميل، حيث كانت كل جمعية لها لجان قراءة تختار الجيد والأجود من الأعمال لطبعها عكس ما هو اليوم، فغياب لجان قراءة على مستوى دور النشر جعل منها دكاكين مثل دكاكين البقالة والمساحات الكبرى التي تعرض الغث والسمين، وبالتالي فهي مسؤولة على تدمير الذوق الأدبي العام في الجزائر، وحتى لا أكون ظالمًا هناك بعض الدور التي فرضت نفسها بقوة لأنها تحترم نفسها واسمها وعلامتها التجارية والهدف من إنشائها، فقدمت للمكتبات والقراء أعمال تصدرت المشهد العربي كثيرا في المجال الإبداعي.
يقام معرض الكتاب الدولي كل سنة بالعاصمة، وهناك من يراه إجحاف في حق الولايات الأخرى، هل أنت ضد أو مع انتقال المعرض إلى ولايات أخرى أم مع استمرار إقامته في العاصمة؟
زين الدين بومرزوق: بالنسبة لمكان تنظيم المعرض أرى أنه يجب أن يبقى في العاصمة كما هو موجود في كل دول العالم، فالعواصم هي التي تحتضن المعارض الكبرى، لأسباب مادية ولوجستية وإمكانيات قد لا تتوفر في أماكن أخرى، لكن ذلك لا يمنع من أن تقام معارض أخرى تكمل المعرض الدولي للكتاب وهو ما نشاهده في كل الولايات من خلال المعارض التي تقام بالتنسيق مع دور الثقافة أو مكتبات المطالعة العمومية، فهذه المبادرات تمكن الذين يصعب عليهم التنقل وتحمل تكاليف النقل والإقامة في العاصمة من البحث وإيجاد ما ببحثون عنه من مراجع وكتب.
نعود لأعمالك الأدبية التي يحبها الكثير وينتظرونها بشغف، زوار معرض الكتاب هذه السنة، بماذا تعدهم ؟؟
زين الدين بومرزوق: بالنسبة لأعمالي الأدبية التي أنوي المشاركة في هذا الصالون الدولي للكتاب فتتمثل في البداية بالكتاب الجماعي المساند لأهلنا بغـ..زة العزة الموسوم «تشرين غـ..زة» أو «فجر مدينة محاصرة»: كتاب جماعي قصصي شارك فيه عديد كتاب القصة في الجزائر من الجنسين، الهدف منه دحض السردية الصهيونية وكذلك تبليغ ما يعانيه أهلنا من قـ..تل وتشريد وتجويع وترحيل من أرضهم وتثمين للمقاومة التي تدافع باسم الأمة عن شرفها وحريتها واستقلالها. الهدف كذلك هو أن تعود عائدات هذا الكتاب لأهلنا بغزة الذي سيعرض في جناح دار الكتاب العربي.
العمل الثاني وهو عبارة عن مجموعة قصصية في فن القصة القصيرة جدا بعنوان «في يد قاتل مأجور» عن دار يسطرون للنشر لصاحبها الأستاذ الشاعر الناقد المصري إبراهيم حسن النجار الذي قدم المجموعة، والمجموعة تعرض في جناح اتحاد الكتاب الجزائريين.
العمل الثالث وهو كتاب في القانون بعنوان «التنمية المحلية وأثر قانون الإستثمار الجديد»، استعرضت في هذا الكتاب الفرص والمآلات لهذا القانون على التنمية المحلية، طبع بدار النشر فكرة حيث سيعرض بجناح هذه الدار.
هذه جملة الكتب التي سأشارك بها في هذا المعرض إن شاء الله.
جميل، تحدثت عن عمل جماعي مساند لقضية غزة، وهذا يجرنا للحديث عن القضايا الوطنية والإقليمية والدور الذي يجب أن تلعبه النخبة في طرح قضايا مجتمعاتها، إذن ماهو الدور الذي عليكم ككتاب وأدباء تفعيله من أجل مساندة القضايا الكبرى والمصيرية والعادلة؟
زين الدين بومرزوق: فعلا سؤال جوهري ومهم وقد طرحته على نفسي كمواطن أولا ومثقف ثانيا يحمل هم ومسؤولية الكلمة، رأيت أنه على المثقف ككل وككتاب وأدباء وفنانين في كل التخصصات تقع عليهم مسؤوليات النهوض بالقضايا الكبرى للأمة جمعاء، ويجب الدفاع عنها وصونها بكل الوسائل بالصورة الفوتوغرافية، بعمل مسرحي، بلوحة تشكيلية، فنية، بأغنية، بقصص، بأشعار وروايات، فالكلمة والريشة والصورة سلاح لا يستهان به في عصرنا، فكثير ما كانت هذه الوسائل أشد وقعا من الرصاص، فالمجتمع العالمي اليوم منفتح بسبب وسائل التواصل وشبكات الإعلام المتعددة والمنصات، فهو يستقبل هذه الأعمال التي تدافع عن القضايا العادلة فيتبناها وتكون حينها وسيلة ضغط على المجرمين للتوقف عنإابادة شعب مسالم طالب بحريته واستقلاله، إذن مسؤوليات الكتاب عظيمة ولا يجب الإستهانة بها، وما تشرين غـ..زة إلا إحدى هذه الشواهد الواقعية بقضايا الأمة.
أعمالك الأدبية ستكون متواجدة بالمعرض الدولي للكتاب، ماذا عنك هل ستكون حاضرا أيضا للقاء القراء والإحتفاء معهم بجلسات لبيع كتبك بالتوقيع؟
زين الدين بومرزوق: طبعا أستاذ سمير، سأكون رفيقا وملازما لهذه الأعمال لتقديمها للقراء تمجيدا واحتراما للقراءة والقارئ.
وصلنا لنهاية الحوار، الأستاذ زين الدين بومرزوق نشكرك على هذا الحوار الصريح، في الأخير نترك لك كلمة الختام.
زين الدين بومرزوق: زين الدين بومرزوق الإنسان والكاتب الحامل لهم الكلمة ولقضايا وطنه وأمته يشكركم جزيل الشكر على مبادرتكم النبيلة بمحاورة الكتاب من خلال سلسلة كتاب وكاتب بمناسبة الصالون الدولي للكتاب الذي يصادف احتفالية الشعب الجزائري بثورته في ذكراها السبعون، لا يسعني في الأخير إلا أن أهنئ نفسي والشعب الجزائري بهذه المناسبة متمنيا الإزدهار والسلام والإستقرار لوطننا ولكل الأمة العربية والإسلامية، وأن تعود القـ..دس عاصمة الدولة الفلسطـ..ينية قريبا إن شاء الل ويحقق ط..وفان الأقـ..صى أهدافه.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
مرة أخرى شكرا لكم أستاذ سمير. على كرم الدعوة، وفتح لنا هذه الصفحة للتعبير عن همومنا الثقافية وتطلعات الكتاب.