– هل تفعلها تقدم وتنسحب من وثيقة إعلان المبادئ ؟!.

" وجه الحقيقه "

✍️ إبراهيم شقلاوي :

إن صمت المجتمع الدولي تجاه الجرائم التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع ، ضد المدنيين منذ اندلاع حرب السودان في منتصف أبريل من العام الماضي ، يشجع المليشيا على مواصلة ارتكاب هذه الجرائم دون خوف من العقاب. تصاعدت وتيرة الانتهاكات والقتل خلال الأيام الماضية في عدد من قرى الجزيرة ، في قرية السريحة وحدها قتل 147 مواطناً أعزل ، بجانب قتل وتشريد قرى أخرى في تمبول وبرنكو وود النورة ، فضلاً عن الذين يُقتلون في دارفور وكردفان وولاية الخرطوم جراء القصف العشوائي المستمر .

لذلك ، ندعو إلى أهمية العمل المشترك والتضامن المحلي والإقليمي والدولي الذي يمكن أن يسهم في استعادة الأمن والسلام للشعب السوداني الذي يعاني من نيران هذه الحرب . بالأمس تحدث لقناة الجزيرة مباشر جعفر حسن ، الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية “تقدم” ، معلقاً على هذه الانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في قرى شرق الجزيرة، وقال جعفر إنهم سيخاطبون مجلس الأمن والسلم الإفريقي وكافة المنظمات الدولية ، كما سيخاطبون الجيش ومليشيا الدعم السريع بضرورة وقف الحرب .

فيما يخص وثيقة إعلان المبادئ التي وقعوها مع الدعم السريع في فبراير الماضي بأديس أبابا ، قال إن الدعم السريع لم يلتزم بشكل كافٍ بحماية الاتفاق ولم يلتزم بتنفيذ ما تم التوقيع عليه ، مبرراً ذلك بأنهم كانوا ينتظرون الطرف الثالث ، (الجيش) لإعطاء الاتفاق مشروعية باعتباره طرفاً يكتمل به إعلان المبادئ . وأضاف أنهم في حالة انعقاد دائم لتقييم الاتفاق والنظر في أمر وقف إطلاق النار المؤقت حتى يمكن التفاوض ، وأن ما حدث في شرق الجزيرة يرقى لأن يكون جرائم حرب ، كما أشار إلى خطاب الكراهية والتعبئة السلبية التي إن لم تتوقف فستزيد من صعوبة وقف الحرب وقد ترفع احتمالات انتقالها إلى حرب أهلية .

هذا الحديث الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم “تقدم” يفتح الباب واسعاً لإثبات جدية “تقدم” في حماية المدنيين ، كما أنه يوجب عليها الانسحاب من وثيقة إعلان المبادئ مع مليشيا الدعم السريع باعتبار أنها لم تلتزم بأي من بنودها المتعلقة بحماية المدنيين والممرات الآمنة للتنقل والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وتهيئة الظروف لعودة المواطنين . هذه الوثيقة حسب مراقبين تمثل عبئاً أخلاقياً وسياسياً سلبياً كبيراً على تنسيقية “تقدم”، وربما إذا طال الأمد وزاد الإصرار على الحفاظ عليها تؤثر سلباً على وحدة التنسيق ية نفسها ، لأن الجماهير المتضررة من هذه المليشيا التي تتحالف معها “تقدم” وتدعمها لن تغفر لها هذا الموقف المخزي المتعلق بإسناد المليشيا سياسياً وإعلامياً. كما أن ذلك سيفتح الباب واسعاً لخصومها السياسيين لإيجاد المبررات الكافية لعزلها من العملية السياسية.

إن انتهاكات مليشيا الدعم السريع للمدنيين أصبحت غير محتملة وأصبحت تهدد بنشوب حرب أهلية ، وهي الحرب التي ظلت “تقدم” تحذرمنها . لذا فإن انسحاب تنسيقية القوى المدنية “تقدم” من وثيقة إعلان المبادئ يمثل خطوة ضرورية نحو تجاوز هذه التوقعات ، بجانب إعادة بناء الثقة بينها وبين جماهيرها ، وبينها وبين الأحزاب السياسية الوطنية والشعب السوداني . إذ يجب مناقشة عواقب هذه الشراكة والآثار المترتبة عليها .

قد يحقق هذا الانسحاب توازناً ضرورياً في الموقف السياسي ويسهم في توحيد الجهود لتحقيق السلام والاستقرار، عليه تبقى الضرورة لتحقيق العدالة والسلام برفع الغطاء والدعم عن التجاوزات المتكررة للمليشيا . هنا سيبرز دور تنسيقية القوى المدنية “تقدم” إن كانت جادة في تبني مبدأ حماية حقوق الإنسان . كما أن هذه الخطوات التصحيحية قد تؤدي إلى تعبئة أوسع للأحزاب السياسية نحو العمل المشترك الرامي إلى استعادة الأمن .

إن تغيير التوجه السياسي نحو وحدة الصف وتجاوز مليشيا الدعم السريع سيفتح المجال لتسريع وتيرة السلام ، وقد يصب في صالح تشكيل جبهة واسعة تضم جميع الذين يسعون لإنهاء دائرة العنف والجرائم وربما يسهل الحوار السوداني – السوداني.

أختتم بالقول إن هذا الانسحاب وهذه الخطوة الجريئة ليس مجرد خطوة تكتيكية ، بل واجب أخلاقي وسياسي تجاه الشعب السوداني الذي يتطلع إلى السلام والعدالة واستعادة الأمن .

عليه يبقى وجه الحقيقة في أهمية الاسطفاف الوطني الذي سيضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية و الأخلاقية تجاه الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع،و تجاه بلادنا بعد هذا الغياب الواضح ، فإن الإهمال المتواصل لإدانة لمثل هذه الانتهاكات يزيد من تمادي المليشيا ويشجعها على مواصلة ارتكاب المجازر بحق المواطنين العزل .

كما أن استمرار الدعم السياسي والإعلامي للمليشيا يعزز قدرتها على ارتكاب الجرائم والتمادي في الانتهاكات. لذلك نجدد دعواتنا لجميع الأحزاب الوطنية ولتنسيقية القوى المدنية “تقدم” إلى أهمية وحدة الصف ورفع الغطاء السياسي والإعلامي عن هذه المليشيا والانحياز للصف الوطني الداعم للقوات المسلحة السودانية لاستعادة الأمن وتحقيق السلام. عليه يظل السؤال الأخلاقي والسياسي قائما : هل تفعلها تقدم وتختار الصف الوطني بالإنسحاب من وثيقة اعلان المبادئ التي وقعتها مع مليشيا الدعم السريع في أديس أبابا ، دعونا ننتظر.

دمتم بخير وعافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى