حوار مع الكاتب الجزائري خليفة عبد السلام
كتاب و كاتب
• حاوره: سمير تلايلف
الأستاذ خليفة عبد السلام أهلا بك معنا من خلال هذا الحوار، لو نتصفح معك كتاب السيرة الخاص بك، ماذا سنجد بين طياته (عرفنا عن نفسك).
خليفة عبد السلام: خليفة عبدالسلام فرونكو جزائري مقيم بفرنسا، أستاذ مواد ثقافية (فن تشكيلي)، خريج المعهد العالي للفنون الجميلة بفرنسا – فالونسيان-، كاتب معتمد، له عدة إصدرات كانت بدايتها من مصر وفرنسا والجزائر، إعلامي وكاتب صحفي (رئيس تحرير مجلة ومضات أمل الثقافية) وعضو دائم بالنقابة الدولية مقرها بلجيكا ( الاتحادية الدولية الصحفيين)، وعضو بالنقابة الوطنية الصحفيين بفرنسا.
جميل، في معرض حديثك ذكرت أنك تقيم في فرنسا، كيف يرى المثقف الجزائري المغترب الحياة الثقافية في الجزائر مقارنة بما يراه في فرنسا ودول أوروبا عامة؟
خليفة عبد السلام: بصراحة تامة، البيئتين مختلفتين في الكثير من التفاصيل، و الأكيد أن مكانة الثقافة بأوروبا عموما مهمة وللمثقف معها قيمته التي أخذها في الأصل منها، لكن في العمق الوضع لا يقبل المقارنة، كون الثقافة العربية تختلف كليا عن الثقافة الغربية في المبادئ والقيم.
ندخل الآن ومن خلال هذا السؤال إلى عبد السلام الأديب، حدثنا أولا عن الكتابة في حياة عبد السلام، ثم عن أعمالك الأدبية التي أصدرتها
خليفة عبد السلام: الكتابة بالنسبة لي كانت الدواء الذي يضمد جراح الروح، فكانت الطريق والطريقة معاً، حيث الفرار من واقع قاسي إلى واقع الكاتب، أين يرسمه بنفسه، بل هي واحدة من الآليات التي نلجأ لها من أجل التواصل فكريا مع الآخر، والعمل على البناء الفكري الجمعي من خلال توظيف الوعي في المحتوى ومحاولة تصحيح الذهنية المجتمعية.
كانت بدايتي في الأدب العربي بالنشر بمجلات عربية بسوريا، ومصر والعراق، وفي مرحلة سابقة ركزت مع المسابقات الأدبية حيث كان الهدف الاستثمار في جو المنافسة من أجل تطوير مهاراتي (الأسلوب- الفلسفة)، ثم انطلقت في رحلة النشر والعمل على إصداراتي الخاصة بداية مع أعمال نشرت بمصر مع الرائدية للنشر و التوزيع بين صفحاتها نصوص ترتبط بالإنسان والعالم العربي (الكتابة في ظل الواقع)، بعدها عدت للنشر بفرنسا، ساعدني في ذلك جو العمل الذي وجدته مع مؤسسة الأمير للنشر والترجمة بمرسيليا التي هي تحت إدارة الأستاذة حياة قاصدي الجزائرية الروح والفكر، والأستاذة مروة حرب، هذا الجو ساعدني بإفراز أرضية جزائرية جعلتنا نلمس المتعة في العمل فكان الناتج عملين الأول : لوحة تجريدية والثاني : أنا والمستحيل.
حدثنا أكثر عن العملين «لوحة تجريدية» و«أنا والمستحيل»، وأين يجد القاريء هذين الكتابين سواء في الجزائر أو خارجها؟
خليفة عبد السلام: «لوحة تجريدية» هو مجموعة نصوص تحاكي واقع الإنسان بلمسة فلسفية تجريدية، أفكار العمل متنوعة، تطرقت فيها لعدة مواضيع.
أما «أنا والمستحيل» كان حالة استثنائية وخاصة جدا، إذ هو يجسد هدفي الرئيسي في الممارسة (طرح الرواية بأسلوب جديد)، فكان العمل ناتج أعوام من العمل، حيث تمردت فيه على كل شيء وتركت بصمة تخصني لأنني كنت دوما أرفض التبعية
أولا، لم أركب موجة الحداثة بالمفهوم الخاطئ الذي وقع فيه الأغلبية، كذلك بقيت محافظاً على ممارسة أدب عربي بحت، فكان طرح العمل بتوظيف الفلسفة وبأسلوب سريالي، عالجت أفكار الرواية التي في عمقها كنت أنتقد من جهة الإشكاليات التي تعتبر فخاخ بالمجتمعات العربية، ومن جهة أخرى محاولة تصحيح ما تعمد بعض الكُتاب ارتكابه حين ركبوا صنوة إديولوجية هدامة (إستعمال صورة المرأة الجزائرية والعربية و تشويهها)، بدوري استعملت صورة الأم الجزائرية لتصحيح الوضع، كذلك نقلت وجسدت علاقة المغترب بوطنه وأصوله و عالجت اشكاليات مرتبطة بالاغتراب والغياب، ليكون هذا العمل في الأخير رواية لها إرتباط مباشر في لغتها وأفكارها بالأدب العربي.
يمكن إيجاد هذين العملين بالجزائر بمكتبة فيصل وبمعرض الكتاب الدولي سيلا بالجزائر سيلا 2024،
أما خارج الجزائر يمكن إيجادهما بمصر، ودوليا عبر مكتبة أمازون amazon وإباي eBay، وبمكتبة الأمير بمرسيليا وبالكثير من نقاط التوزيع بفرنسا.
بالإضافة إلى العملين الأدبيين السابق ذكرهما، سمعنا بعمل آخر وهو عبارة عن دراسة تخص أعمالك الأدبية، ماذا تخبرنا بهذا الخصوص؟
خليفة عبد السلام: أجل، هي دراسة نقدية (سيميائة) قام بإعدادها الأستاذ علي فضيل العربي الناقد الجزائري، حيث تناول فيها «لوحة تجريدية»، وتم نشر الدراسة مع دار الأمير بفرنسا، متوفرة بمصر وستكون متوفرة بمعرض الجزائر 2024.
كذلك هناك دراسة نقدية قام بها الدكتور محمد عبد الله الخولي (الناقد الأكاديمي – مصر) وهذا بتناوله لرواية «أنا والمستحيل».
تعاملت من خلال إصداراتك الأدبية مع دار نشر الأمير بمرسيليا، حدثنا عن هذه الدار وكيف كان التعامل معها؟
خليفة عبد السلام: هي واحدة من أهم دور النشر بالنسبة للكاتب العربي بفرنسا، وهذا كون طاقمها عربي جزائري، كذلك إهتمامهم باللغة العربية والأدب العربي والثقافة العربية، فهي جسر يربط الكاتب بالضفة الغربية لنقل أفكاره وإخراجه من دائرة المحلية كذلك.
المؤسسة توفر خدمات قيمة وتسهر على صناعة الكتاب باحترافية ومصداقية تامة، بالإضافة إلى تفعيل الملتقيات والنشاطات الثقافية التي توفر للمثقف فضاء رحب للنقاش وطرح الأفكار و التروبج لأعماله.
هناك من يقول أن نشر الكتاب باللغة الفرنسية يجعله أكثر مقروئية، ماذا ترد على هؤلاء، هل توافقهم الرأي أم لك رأي آخر؟
خليفة عبد السلام: هذا يقبع تحت رؤية الكاتب نفسه، من خلال اختيار الجمهور المستهدف، أنا شخصيا ميولي وحبي للغة العربية جعلتني أتخلى عن الكتابة باللغة الفرنسية، لكن لست ضد ترجمة الأعمال لإيصال الأفكار لأكبر عدد ممكن من الجمهور.
معرض الكتاب الدولي سيلا 2024 سيفتح أبوابه عن قريب، بداية ماذا يعني لك إقامة مثل هذه المعارض، وهل هاته المناسبات تشجع على إحياء المقروئية لدى المواطن الجزئري؟
خليفة عبد السلام: سنفتح الأقواس على هذه النقطة. المعرض يفتح الفرصة لعرض المنتوج ولا يعطي ما لا يملك، كلنا نعلم أن المقروئية فقدت في مجتمعاتنا ، كذلك والأهم والسؤال الصحيح هنا ماذا نقرأ إذا عملنا بالحكمة (انتقي واقرأ)، 99% من الأعمال الصادرة هي أدب غربي مكتوب بلغة عربية (نصفها لهجة وكون الرواية لا تدخل في الأدب الشعبي) وأغلب الأعمال روايات تقع في حكم الأدب الإستهلاكي، هناك أعمال قيمة لكن قليلة، وهنا أحاول التنبيه لإشكاليات تقتل الأدب العربي إذا باتت تغربه من جهة وتشوهه من جهة أخرى، كذلك للأسف تم سحب الممارسين وإقناعهم أن أهم جنس هي الرواية فتم إهمال الأعمال الفكرية التي تكون قوية وبناءة وبقيت الساحة تتخبط في ظل أحسن رواية، كذلك فقد عامل البناء في الأعمال وباتت شكلية تخلق المتعة، وهذا طبعا له أسباب ليست وليدة اليوم بل منذ الحداثة إلى تشلقب الوضع، وتحول الأدب من اختصاص قائم على علم إلى فن ينتج المتعة.
ذكرت في جواب سابق أن إصداراتك ستكون متواجدة بمعرض الكتاب الدولي بالجزائر، ماذا عنك، هل ستتواجد أيضا للقاء القراء في جلسات لبيع بالتوقيع؟
خليفة عبد السلام: للأسف للشديد، لا أستطيع الحضور وهذا بسبب ارتباطات مهنية وظروف خاصة، كان جميلا لو كنت أستطيع الحضور لالتقاء الكثير من الزملاء والمثقفين الذين اشتقنا لهم.
رحلة الكتابة طويل، فالبداية تكون بالفكرة ثم ترجمتها على صفحات الأوراق، ثم وصولها للقارئ، فأين تكمن متعتها: في الرحلة أم في الوصول؟
خليفة عبد السلام: المتعة الحقيقية تكمن في الرحلة وصراع الكاتب للظروف، بعدها يخرج العمل من بيئته ليكون بين أيدي القارئ.
وصلنا لنهاية رحلة حوارنا، قبل مغادرتنا نترك لك الكلمة الختامية، فقل ما شئت
خليفة عبد السلام: أشكرك كثيرا لهذه الفرصة التي جعلتنا نلتقي ونفتح أبواب الحديث ونستمتع معاً، أشكر جميع من يعمل على إنتاج ثقافة عربية حقيقية تبتعد عن التبطين وكل من يكتب في ظل أدب عربي مرتبط بقيم ومبادئ المجتمع ويبتعد عن التمييع والشكليات، أشكر جمهور المنصة الراقية ثقافة نيوز، مع تمنياتي لكم بالمزيد من النجاح والتألق.