إضاءة على رواية “العاشق الذي ابتلعته الرواية” لأسيد الحوتري
✍️ فاتن شحادة :
“لقد اختفيت. ولكنني لم أمت” تبقى هذه العبارة المبهمة التفاصيل تلوح في أفق الرواية وهي تروي قصة من التراث الفلسطيني عن ظريف الطول، الشاب الوسيم الذي أحبته جميع فتيات القرية وحاولن التقرب منه للزواج، إلا أن قلبه لم يختر سوى جميلة الجميلات (عنات) ابنة الإقطاعي الكبير .
إنّها قصة البطل المغوار الذي حارب بكل بسالة ورباطة جأش العصابات الصهيونية في أرض كنعان قبل أن يهيم في الأرض ليكون رحيله ثمن لحرية حبيبته.
إنها قصة ليست كأي قصة، تُروى من غيابة السجن حيث تتآكل الجدران وتضيق الأنفاس، هناك يتوقف الزمن وتتجلى الذاكرة في رحلة طويلة تربط الواقع بماض سحيق، ذاكرة تربط بين الأحداث والشخصيات في دنيا الأثير .
هناك يمتزج الواقع بالخيال فيتآلفان في سرد الأساطير والبطولات عن شعب عظيم، شعب قدّم وما زال يقدّم الغالي والنفيس من أجل تلك الأرض المقدسة.
إنها قصة عاشق عنات الذي لا يفتأ يناديها في كل وقت وفي كل زمان:
“عناتي، يا عناتي
لا تمكثي في العالم العلوي أكثر
فما عدتُ على السّجان أقدر…”
ذلك هو عاشق الوطن، محارب المغتصبين، والمتكبرين المتجبرين. علياّن، علي، أكرم، ظريف، زريف، العاشق، السجين (١٨١)، إلخ، كلها أسماء ترمز للمقاوم الفلسطيني، إنه الفارس الملثم الموجود في كل مكان وزمان، فلا حدود تمنعه ولا أسر يثنيه عن رسالته. إنه البطل المتأصل داخل كل من يؤمن بأن الحرية لا تُنال إلا بالدماء المضرجة على كل بقعة من هذا الوطن العزيز والغالي.
إنها قصة الأمس واليوم والغد، قصة الأمل الذي يطل علينا كأنه شعاع يتسلل من بين كل هذه الغيوم السوداء الكثيفة وكأنه ينادينا بصوته الأجّل ويخبرنا بأن المقاومة لن تموت ولن تنتهي مهما طال أمد الظلام ومهما اشتدّت يد الطغيان. فما زال هناك الألوف، بل الملايين من عشاق هذه الأرض، وهم مستعدون أن يكونوا جزء من الرواية التي ابتلعت ذلك العاشق.
يذكر أن الرواية صدرت عن دار الخليج للنشر والتوزيع (٢٠٢٤)، أن هذه هي الرواية الثانية للكاتب بعد رواية “كويت بغداد عمّان” التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة (كتارا) عن الروايات المنشورة عام ٢٠٢٣، وأن للكاتب أيضا أحد عشر إصدارا في الأدب والنقد.