العفو العام يدعم السلام و لا يسقط الحقوق

وجه الحقيقة

✍🏻إبراهيم شقلاوي :

وجد انحياز قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة وسط السودان أبو عاقلة كيكل للقوات المسلحة السودانية ترحيبا واسعا من السودانيين خارج وداخل البلاد ، حيث عد الأمر بداية نهاية الحرب التي اشتعلت في منتصف أبريل من العام الماضي بعد انقلاب فاشل قادته تلك القوات بإيعاز من بعض القوى الإقليمية وسند سياسي داخلي من أحزاب قوى الحرية والتغيير

رحب الناطق الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبد الله بالخطوة وصفها بالشجاعة وأكد على أن أبواب القوات المسلحة السودانية مشرعة لكل من ينحاز إلى صف الوطن وقواته المسلحة ، كذلك أكد في بيانه عفو رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة عن أي متمرد ينحاز لجانب الوطن وطالب الراغبين بالاستسلام من المليشيا التبليغ لأقرب قيادة عسكرية بكل مناطق السودان .

علي ضوء ذلك التصريح والعفو دعا عدد من المراقبين وقيادات الرأي الي أهمية أن يصدر الرئيس عبد الفتاح البرهان ما سموه بمبادرة النداء الاخير بالعفو العام ، عن حاملي السلاح من مليشيا الدعم السريع على أن يشمل العفو كافة السياسيين ، بما في ذلك الذين مثلوا الحاضنة السياسية والإعلامية للمليشيا و أن يحدد ذلك بأجل لا يقل عن اسبوعين أو يزيد عن شهر وأن يتبع قرار العفو نداء خاصا ومباشرا لقيادات المليشيا أمثال قجة و عثمان عمليات وعصام صالح فضيل وغيرهم ، على أن يعتبر هذا العفو بمثابة حافز إيجابي للمصالحة الوطنية الشاملة ، كذلك لإستعادة الأمن وتحقيق السلام ، هذا في تقديري ربما مسارا جديدا يسهل الوصول لأهداف إنها الحرب وإستعادة الأمن والسلام للسودانيين دون تكلفة كبيرة ، بإعتبار السلام أقل كلفة من جميع النواحي بالنظر لكلفة الحرب والحسم عن طريق العمل العسكري الذي لاشك إطلاقا في أن الجيش بدا يقترب من تحقيقية .

كذلك من الأهمية التأكيد إلى أن العفو عن الحق العام مكفول لسلطة رئيس الدولة بموجب القانون والدستور الذي يكفل له إسقاط الحق العام عن أي شخص متي ما رأي أن ذلك في مصلحة البلاد والشعب، أما الحق الخاص مكفول لأي مواطن مجني عليه أو لأولياء أمره بموجب القانون الجنائي وهذا الأمر حتى لا ينظر له بهذه البساطة لا بد من رأي مطور لفقهاء القانون حتى نستطيع الموائمة بين الحقوق والواجبات ، وبين الضرر الذي أصاب المواطن في امنه وماله وعرضه وبين موجبات إنهاء الحرب وإستعادة الأمن والسلام للسودانيين.

لذلك ندعو إلى مقاربة جديدة أو فتوى قانونية تجيب على سؤال هل يمكن للمواطن المتضرر على مستوى نفعه الخاص ماله وعرضه أو العام الخدمي مثال تدمير مستشفى في منطقته أن يتقدم بدعوى ضد الدعم السريع وقيادته في المنطقة المعنية ، حيث يرى عدد من خبراء القانون أنه بالإمكان أن يتقدم المواطنين عبر آليات المجتمع المتوافق عليها بالدعاوى ضد كل من يخل بالأمن القومي ومصلحة البلد والمواطنين ، لذلك نريد عمل قانوني محكم وسريع يضمن عدم الإفلات من العقاب تحت أي مسمى بجانب استعادة الأمن وتحقيق السلام ، كما نريد من فقهاء القانون العمل على تطوير القوانين الحالية أو سن قوانين و تشريعات خاصة لهذه الفترة لقفل باب المزايدات السياسية التي قد تتجه لها الدولة لحفظ دماء السودانيين ، بجانب أهمية توعية المواطنين بحقوقهم خاصة عند من لا يعرف المتسبب المباشر للضرر.

كذلك يجب أن نعلم ان النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل في قضايا الحق العام يناط بها فتح بلاغ في الحق العام وتقدم الأدلة والبراهين التي تثبت الجرائم باعتبار النائب العام هو أعلي سلطه نيابيه في الدولة ، هذا بالنظر لما أكده عضو مجلس السيادة الفريق مهندس بحرى إبراهيم جابر ، حرص الحكومة السودانية على عدم الإفلات من العقاب في كل من تعدى على حقوق الشعب السوداني وزعزع إستقرار البلاد وأمنها، خلال لقائه أمس بمكتبه وفد منظمة شباب السلام والتنمية والعون الانساني برئاسة الفريق شرطة عثمان كباشي رئيس مجلس أمناء مبادرة مراصد لتوثيق إنتهاكات مليشيا الدعم السريع.

كذلك من المهم أن نضع خططاً قانونية مستقبلية فعالة لحماية الحقوق وتحقيق العدالة ، وذلك من خلال تعزيز دور القضاء والنيابة العامة في تقديم العدالة للمواطنين المتضررين كما يجب أن نكون حذرين وحازمين في مواجهة أي تجاوزات تؤدي إلى نشوء الفوضى والتخريب ، وضمان تطبيق القانون على الجميع بغض النظر عن مناصبهم أو نفوذهم كما يجب علينا أن نتحد جميعا لأجل تمكين القانون في مواجهة الفساد والظلم ، وأن نعمل معاً لبناء دولة القانون التي تحمي حقوق المواطنين وتحقق العدالة، ولهذا الغرض يجب على الفقهاء القانونيين أن يكونوا على قدر المسؤولية والتحدي في تقديم النصائح والتوجيهات اللازمة لإنشاء نظام قانوني عدلي يناسب اليوم التالي للحرب يكفل تطبيق العدالة وحماية حقوق السودانيين ، كما يجب على الحكومة السودانية وقيادة الرأي و الإعلاميين أن يعملوا جميعا على توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم عبر وسائل الإعلام المختلفة ، وتشجيعهم على اللجوء إلى القضاء في حال تعرضوا لأي انتهاكات لحقوقهم. كما يجب على النيابة العامة أن تكون حاضرة وفعالة في مواجهة الجرائم وتحقيق العدالة.

عليه من الضروري أن نظل متمسكين بالقيم القانونية والأخلاقية، وأن نضع مصلحة الشعب السوداني واضحة في كل قرار نتخذه . عليه يظل وجه الحقيقة في التأكيد على إن العدالة والنزاهة هما الأساس لبناء دولة قوية ومزدهرة وهما الضامن لإستعادة الأمن وتحقيق السلام ويجب علينا جميعاً أن نساهم في تحقيق هذا الهدف بكل إخلاص واجتهاد دون تأثير من الأحزاب السياسية أو الرأي العام السالب الذي ربما يدعم أي طرف من الأطراف من واقع صراع سياسي أو تنافس حزبي ، ذلك حتى يكون العفو العام الذي يصدره رأس الدولة داعما للسلام وإستعادة الأمن دون أن يسقط حقوق الناس في التقاضي ورفع الظلم . 

دمتم بخير وعافيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى