مجلس الأمن والسلم الافريقي يتفهم رغبة السودانيين.

✍️ إبراهيم شقلاوي :

قدمنا الأسبوع الماضي في مقال قراءة متفائلة لمخرجات زيارة مجلس الأمن والسلم الإفريقي للسودان مطلع أكتوبر الجاري تحت عنوان السودان يقترب من فك تجميد عضويته في الإتحاد الإفريقي واعتمدنا في ذلك على عدد من الشواهد والسرديات، منها الحديث الواضح من قيادة البلاد لوفد المجلس حول توصيف الإتحاد الإفريقي لما حدث في 25 أكتوبر أنه غير دقيق وينافي الحقائق، كذلك خذلان الإتحاد الإفريقي ومنظماته للحكومة السودانية في توصيف الحرب الدائرة في السودان، هذا خلاف المواقف الباهتة التي بدأت من الإتحاد الإفريقي خلال تطور الحرب وإخفاقه في إدانة الانتهاكات بشكل واضح التي ظلت تقوم بها المليشيا في حق الشعب السوداني ، حيث قوبل ذلك باستياء واسع من الرأي العام السوداني.

يرى كثيرا من المراقبين أن نجاح زيارة الوفد كانت تقوم على مدى تفهمه لما جرى في السودان بعيدا عن التأثيرات الإقليمية والدولية بجانب أن السودان دولة ذات سيادة وثقل في المنظمة وأحد الأعضاء المؤسسين للإتحاد الإفريقي يجب أن يجد اهتماما مقدرا ومساهمة فاعلة في الدفع بعملية السلام وإعادة الأمن للسودانيين عبر المنظمة الأفريقية التي يعول عليها في حل مشكلات القارة ، من خلال تجاربها الواسعة .

لم يتفاجأ المراقبون والرأي العام السوداني بيان رئيس مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي و عدوا ذلك تفهما لرغباتهم والذي دعا فيه إلى إعادة فتح مكتب اتصال الإتحاد الإفريقي في السودان، و طالب مليشيا الدعم السريع برفع الحصار المفروض على مدينة الفاشر لضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق .

كما تضمن إشارات مهمة منها التأكيد على ضرورة التواصل بين الإتحاد الإفريقي والسلطات السودانية لإجراء مناقشات مع ممثلي الحكومة السودانية بشأن تعليق أنشطة السودان في الاتحاد، هذا يعني أن السودان يقترب من فك تجميد عضويته في الإتحاد الإفريقي كذلك تفهم المجلس لخلفيات الحرب في السودان وأسباب اندلاعها بقبوله المقترحات حسب البيانات التي قدمها رئيس مجلس السيادة، والتي تشمل إنهاء الحرب وإنشاء مناطق تجمع متفق عليها ، وفي ذلك إشارة واضحة لقبول خارطة الطريق التي أعدتها الحكومة السودانية لتنفيذ إتفاق جدة الموقع في 11 مايو من العام الماضي ، لأجل حقن دماء السودانيين وإستعادة الأمن.

اللافت كذلك في البيان ترحيبه بتشكيل حكومة انتقالية في السودان بقيادة مدنية ، كذلك رفضه لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للسودان ، والذي قد يؤدي إلى إطالة أمد الصراع ، الواضح من خلال هذه التطورات الإيجابية أن الدبلوماسية السودانية قامت بدور نشط خلال الفترة الماضية في دوائر الإتحاد الإفريقي والدوائر المهمة الأخرى مما مكنها من إيصال رؤية السودان بوضوح بجانب مخرجات الزيارة الإيجابية التي قام بها وفد مجلس الأمن والسلم للسودان مطلع أكتوبر الجاري .

الخارجية السودانية بدورها أصدرت اول الأمس بيان رحبت فيه بما جاء في بيان المجلس واتفقت في جميع الأولويات التي حددها البيان خاصة ما يتعلق بالتنفيذ الكامل لإعلان جدة ، في تقديري الخطوة تعتبر جيدة حيث أنها وضعت الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي أمام مسؤولياتهم تجاه ما يجري في السودان ، وهذا يعتبر تطور لافت حسب مراقبين ربما يعجل بإنهاء الحرب وعودة الأمن والسلام في القريب العاجل .

بالرغم من هذا التفاؤل الحذر من جميع السودانيين إلا أنهم تفاجأوا بانتقاد بكري الجاك ، المتحدث الرسمي بإسم تنسيقية القوى المدنية (تقدم) لبيان مجلس الأمن و السلم الإفريقي الذي وصف البيان بعدم الحياد وأنه منح القوات المسلحة ميزة في أي ترتيبات سياسية قادمة ، جاء ذلك خلال حديثه لقناة (سكاي نيوز عربية) حيث أعرب عن قلقه من تأثير هذا البيان على مستقبل العملية السياسية في البلاد ، حديث الجاك في تقديري وتقدير مراقبين لم يكن موفقا إذ أن اتفاق جدة لم يتضمن أية إشارة لعملية سياسية ، فقط يعني بالترتيبات الأمنية والعمل الإنساني ، إلا إذا كانت تقدم تدرك أن تنفيذ اتفاق جدة يعني طي صفحة المليشيا للأبد وتريد حماية للمليشيا من التفكيك ، أما العملية السياسية فقد تم الاتفاق عليها في مؤتمر القاهرة للقوى المدنية ومؤتمر أديس للأحزاب السياسية، أن يكون مسار منفصل بين الأحزاب السياسية السودانية دون استثناء داخل السودان (حوار سوداني سوداني) الجيش ليست طرفا فيه، حيث أنه يتجه حسب أولويات الأمن الي تكوين حكومة كفاءات وطنية غير حزبية لإدارة الفترة الانتقالية ضمن أولوياتها إقامة الانتخابات باشتراك كافة الأحزاب السياسية.

تأتي هذه التطورات اللافت في ظل تقدم الجيش في جميع المحاور وجبهات القتال لحسم التمرد الذي باتت أيامه معدودة ، بالرغم من ذلك يظل وجه الحقيقة في أهمية الترحيب بهذه التطورات الإيجابية من مجلس الأمن والسلم الإفريقي ومواصلة المجهودات والتنسيق المشترك بين جميع الأطراف للإسراع في عملية الانتقال من الحرب إلى اليوم التالي الذي يتطلع السودانيون له لأجل عودة الأمن والاستقرار والسلام .
دمتم بخير وعافية.
الأربعاء 16/اكتوبر 2024 م. [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى