الروح الغاضبه

✍️ سمير الشحيمي :

دخلت ميلاد إلى الحرم الجامعي تسأل عن الأستاذ شاكر العقيد حتى وصلت إلى مكتبه ولم تجده فأخبروها إنه الآن يلقي محاضره وماهي إلا دقائق حتى دخل شاكر إلى المكتب وجلس خلف طاولته وهو ينظر إلى المدام ميلاد قائلاً : تفضلي أي خدمه أستطيع أن أقدمها لكي؟؟
ميلاد وهيه تقترب منه : إن روح زوجي الشريره تطاردني وتتوعد بالتخلص مني.
شاكر بسخريه : ومن الذي أخبرك بإنني مشعوذ أو طارد أرواح إجتماعي؟
ميلاد: أريدك أن تنقذني منه أرجوك.
شاكر : أنا لست شرطي بعالم الأرواح لكي أنقذك منه ولا أعرف عن أي شي بهذه الأمور ابحثي لك عن مشعوذ أو شيخ يساعدك.
ميلاد: لكنهم دلوني عليك.
شاكر : من هم؟
ميلاد : العرافه التي استدعت روح زوجي فاضل وهو الآن غاضب جدآ.
شاكر : يالكم من حمقى تتعاملون بأمور أكبر منكم ويخدعونكم هؤلاء السحره والمشعوذين ويأكلون أموالكم بغير وجه حق.
ميلاد : أعلم إنها غلطه وندمت عليها ، أمي هيه السبب اقنعتني بإستدعاء روح زوجي لكي أعرف مكان الذهب والمجوهرات.
شاكر: عماك الجشع والطمع ولم تفكري بعواقب هذا الشي.
ميلاد وهيه تبكي : أرجوك ساعدني لقد تخلو عني أريدك أن تساعدني أرجوك يا أستاذ شاكر أرجوك.
شاكر : حسناً حسناً سأحاول أن أساعدك.
ميلاد : شكرآ لك شكرآ يا أستاذ شاكر.
شاكر : أين تظهر لك الروح الآن؟
ميلاد : فالمنزل لا أستطيع النوم يظهر لي ووجهه غاضب ويتوعد وأسمع همس صوته ويقول لي الويل لك يا ميلاد يجب أن تموتي يا ميلاد.
شاكر : الأرواح مهما تقول فأنها لا تستطيع اللحاق ضرر بالبشر.
ميلاد : لكن يخرج لي بكل مكان بالمنزل.
شاكر : هل بينك وبين المرحوم خلاف؟
ميلاد: لابد وأن يكون في خلاف بين الزوجين في حياتهما ولكن ليس بموت أحدهم.
شاكر: سأحضر غداً إلى منزلك في المساء.
ميلاد :حقا!؛ سأكون في إنتظارك.
شاكر : لكن يجب أن تحضر معك المشعوذه التي استدعت روحه لأن سنحتاج إلى عملية استدعاء أخرى لروح فاضل.
ميلاد : هل ستقوم بستدعاء لروح زوجي في منزلي!!؟
شاكر : نعم لأنه المكان الذي سيكون متواجد فيه وسهل إحضاره وإنهاء الأمر.
ميلاد : أتمنى ذلك.
فخرجت ميلاد من مكتب الأستاذ شاكر العقيد وجلس شاكر العقيد يقلب أوراقه وماهي إلا دقائق حتى غلبه النعاس أغمض عينيه قليلاً وفجأه فتح عينيه فوجد نفسه بمكان آخر غير مكتبه في شاطئ للبحر والأمواج هادئه ومن تحت الموج خرج رجل ارتفع إلى السماء ثم توقف فنظر الرجل بتجاه شاكر العقيد وانقض عليه ففتح شاكر العقيد عينيه وقلبه يدق بقوه ووجد نفسه خلف مكتبه وقال بلهجه ساخره: يبدو أن صديقنا غاضب بالفعل ولا يريد مني أن أساعدها.
وفي اليوم التالي وفي الموعد المحدد ذهب الأستاذ شاكر العقيد إلى عنوان منزل المدام ميلاد واستقبلته مع أمها والعرافه كلثم.
العرافه سعيده جداً وهي تقول للأستاذ شاكر العقيد: أنا في غاية السعاده إنني قابلتك يا أستاذ شاكر فأنا من المعجبين بك وبكتاباتك.
الأستاذ شاكر وهو يجلس على الكنبه: لهذه الدرجه أنا لي معجبين بين المشعوذين والسحره؟
العرافة كلثم : أحب كل ماتكتبه وخصوصاً آخر كتاب بعنوان *القريه النائيه والأرواح المعزوله* كانت تحبس الأنفاس صدقني يا أستاذ شاكر.
شاكر : مالذي جعلك تمتهنين هذه المهنه؟
العرافة كلثم : لقد كنت صغيره وأبحث عن أجوبة واستدعيت بعض الأرواح بالغلط وبعدها تعلمت ودخلت هذا المجال. بقراءة بعض الكتب و المخطوطات القديمة.
شاكر : إنه مجال صعب وخطير.
العرافة كلثم : ولكنه يدر علي مبلغ من المال لا بأس به.
قاطعت الحديث المدام ميلاد: هل سنظل كثيراً بهذا التعارف توجد روح غاضبه تريد هلاكي.
الأستاذ شاكر العقيد مبتسماً: لا تقلقي سنتعامل معها الآن
؛ أين يظهر لك كثيراً؟
ميلاد : بالطابق الثالث بمر غرف النوم.
صعد الجميع إلى فوق وطلب الأستاذ شاكر من العرافة كلثم أن تبدأ بتجهيز المكان لأستدعاء روح فاضل الشريف وأم ميلاد متخوفه وتدعي :أحمي بنتي يارب احفظها يارب.
ميلاد تبكي والعرافة إنتهت من تهيئة المكان ووضعت كرسي بطرف الصاله وأشار لها الأستاذ شاكر أن تبدأ فبدأت العرافة كلثم بستدعاء روح فاضل وهمهمت بكلماتها ولم تطل العمليه كثيراً فهتز الكرسي بالظلام ونادت العرافة كلثم : فاضل فاضل الشريف هذا أنت؟
روح فاضل : هذا أنا.
العرافة كلثم : نحن استدعيناك لأمر بينك وبين زوجتك والآن ترفض الذهاب لعالمك وترك عالمنا تخيف زوجتك لماذا؟
روح فاضل بغضب :لن أرتاح حتى تموت ميلاد.
العرافة كلثم : لماذا؟ هيه لم تفعل لك شئ.
ميلاد تبكي وتقول : سامحني إني آذيتك سامحني إني جرحتك سامحني أرجوك.
روح فاضل : ذهب وقت السماح ولن أدعك بسلام لابد أن تموتي.
الأستاذ شاكر : أتركها لم تفعل لك شئ.
روح فاضل : فعلت الكثير ولن أتركها.
شاكر : لماذا لماذا؟
روح فاضل تصرخ بألم وفجأه أغمض شاكر عينيه ووقع على الكرسي حتى استفاق ثم قال لميلاد وهو يغمض عينه: مالذي فعلته ياميلاد لقد كانت أكبر غلطه قمتي بها.
ميلاد : أي غلطه أستاذ شاكر؟؟
شاكر: أرى أن زوجك لم يكن قد فارق الحياه وكان على قيد الحياه حتى استدعيتم روحه وقتلتيه.
ميلاد: أنا لم أقتل أحد أنا لم أقتل فاضل.
شاكر : فاضل الآن يتواصل معي وهو الآن يحاورني يتهمك بقتلك له فلقد كان بعيداً عنك يقضي وقته الممتع مع زوجته الأخرى.
ميلاد : مالذي تقوله يا أستاذ شاكر زوجي لم يكن معه زوجه أخرى غيري وأنا لم اقتله لقد وجدوه ميتاً في عرض البحر.
صمت شاكر وعم الهدوء المكان وفجأه فتح شاكر العقيد عينيه وتغير لونها للأحمر كالجمر وهو ينظر إلى ميلاد صرخت العرافة كلثم : إن روح فاضل الشريف حاضره في جسد الأستاذ شاكر.
قالت ميلاد وهي ترتجف: أرجوك سامحني يا فاضل أرجوك. وهيه تبكي بحرقه.
فاضل الشريف بجسد شاكر ويقول : لقد هربت منك ومن تكبرك وتعجرفك أعرف إنك تزوجتيني عن طمع وجشع.
ميلاد : لكن أنا.؛ قاطعها فاضل بصوته الغليظ وقال : أصمتي. فرتجفت ميلاد وحضنتها أمها التي لا تقل خوف عن ابنتها فأكمل فاضل حديثه : بدأت أوضاعي الماليه تتدهور والبنوك تريد أموالها والمستثمرين أيضاً وأصبحت مهدد بالسجن ولم أجد حل واحد فقط هو أن أهرب بطريقة أن يظن الجميع أنني ميت فعلاً في هذه الحاله ستدفع شركة التأمين كل ديوني فلقد كنت أمنت على نفسي بمبلغ ١٠٠ مليون دولار في حالة وفاتي بطريقة غير طبيعيه وهنا جاءتني فكره فشتريت جثة نعم جثه من إحدى المستشفيات الخاصه جثة ليس لها أحد يطالب بها تكون بنفس طولي وقريبه من بنيتي الجسديه وألبسته ملابسي التي خرجت منها من المنزل قبل اختفائي ورميته في عرض البحر بعد أن تعمدت في تشويه الوجه واليد ليصعب التعرف عليه حتى بالبصمات أو الملامح.
ميلاد : لكن تلك كانت جثتك فلقد كان خاتمك المفضل في إحدى أصابع يده.
فاضل : ألبسته خاتمي لكي يكون دليل على أنها جثة فاضل الشريف بكل تأكيد وأنتي أيتها الغبيه ستثبتي هذا عند معاينتك للجثه.
العرافة كلثم : لكن مادمت إنك كنت حي ترزق كيف أنت الآن في عداد الأموات وروحك موجوده معنا؟
يلتفت جسد شاكر إلى العرافة كلثم وصوت فاضل يقول : بسببك أنتي؟
العرافة كلثم : كيف بسببي ؟
فاضل : لقد زورت أوراقي واصدرت لي إسم جديد وجواز جديد وتم تهريبي في ليلة اختفائي إلى لبنان حيث زوجتي الثانيه اللبنانيه وما أدراك بلبنان وحسن وجمال لبنان زوجتي رولا حبيبتي وأفضل دوله للأختبء بها فحملت معي جميع المجوهرات والذهب وبعتها بالسوق السودا ودفعت منها رشاوي لكي تنجح عملية هروبي وتزوير قصة موتي وأبدأ حياه جديده في لبنان مع زوجتي رولا بشخصيه جديده لكن يا فرحه ما تمت فلقد كنت على شواطئ لبنان الساحره كنت في رحلة استجمام على *شاطئ خليج بونيتا* الرائع مع جميلتي رولا حتى أحسست بألم بصدري وقلبي يخفق بقوه وكأن أحد ينتزع روحي من صدري بقوه وسقطت ولم أشعر بنفسي إلا وأنا معكم في تلك الليله المشؤومه.
قالت العرافة كلثم : في ذلك الوقت كنت أنت على قيد الحياه حتى قمنا بستدعائك لذلك كانت روحك لا تستجيب بالبدايه وعندما أتت كانت مرتبكه وخائفه يا إللهي لقد تسببنا بمقتلك.
فاضل : نعم أنتم السبب فلتفت إلى زوجته ميلاد وأشار إليها: الويل لك الويل لك ياميلاد
فسقط الأستاذ شاكر على الأرض ركضت بتجاهه العرافة كلثم وقالت : أستاذ شاكر أستاذ شاكر استفيق لقد ذهبت روح فاضل.
فتح عينيه ببطئ وقال : أحس رأسي بينفجر وعيني تألمني زوجك هذا صعب المراس بالفعل إنه غاضب منك.
فنهض شاكر على قدميه ونظر بتجاه ميلاد فوجد ميلاد تنظر إلى آخر الممر وهيه تقول : حبيبي فاضل نعم أنا أسمعك
أم ميلاد تنظر لها وتبكي : ماذا بك يا إبنتي مالذي تنظري إليه.
ميلاد تبتسم : نعم ياحبيبي أنا أحبك ولا أستطيع العيش بدونك.
الأستاذ شاكر : إنها تتحدث مع روح فاضل يريد أن يفقدها عقلها لابد أن نخرجها من المنزل بسرعه.
توجهت أم ميلاد إلى ابنتها ولم تكد تلمسها حتى سقطت على الأرض وكأن شخص قد جرها من قدمها تحركت العرافة كلثم بتجاه أم ميلاد لتطمئن عليها فطارت المزهريه وضربتها على رأسها فسقطت على الأرض. فصرخ الأستاذ شاكر : يافاضل اتركنا بسلام إذهب وعد من أين أتيت.
ميلاد تضحك وتقول : أحبك يافاضل أحبك كثيراً.
اقترب الأستاذ شاكر من ميلاد فرأى بالاتجاه الذي تنظر إليه شخص واقف ظل أسود ويأشر بيده بلإتجاه الآخر، عندما اللتفت بتجاه الذي يأشر عليه كان يأشر على البلكونه مالذي يقصده ماذا هناك بالبلكونه نظر إلى ميلاد وهيه تنظر إلى البلكونه وتقول : بالفعل إن الجو جميل جداً أريد أن استنشق بعض الهواء المنعش. ط
فتجهت تجري إلى البلكونه الأستاذ شاكر يجري ورائها فلقد علم إنه يريدها أن ترمي نفسها من البلوكنه من الطابق الثالث لمنزلهما الأستاذ شاكر يجري خلفها ليمنعها ولكن تحرك الكرسي من مكانه ليعيق حركة الأستاذ شاكر العقيد ووقع بلأرض وهو ينظر إلى ميلاد وهيه تضحك وتقول: أنا قادمه يا حبيبي أنا قادمه فقفزت من البلوكنه وأمها تصرخ عليها ولكن ما من مجيب سقطت ميلاد من الطابق الثالث وفارقت الحياه؛ فتوجه نظر الأستاذ شاكر العقيد بتجاه الممر والظل الأسود يتلاشى ويختفي ، أم ميلاد والعرافة كلثم عند البلوكنه وأم ميلاد تبكي وتصرخ ووقف بجانبها الأستاذ شاكر وهم ينظرون إلى جثة ميلاد وهيه ممدده بلأرض وغارقه بدماءها ورأى شاكر روح ميلاد وهيه بالهواء بجانب روح فاضل وصعدوا إلى السماء.
الشرطه تصل إلى المنزل وخرج الأستاذ شاكر العقيد ومعه العرافة كلثم ويقول لها : يجب أن تتوقفي عن استدعاء الأرواح.
العرافة : لا أستطيع إنه جزء من حياتي عالم الأرواح.
شاكر : ألم تكفيك ما فعلتيه استدعيتي روح شخص حي وهو الآن تسبب بموت شخص آخر.
العرافة كلثم : إنها غلطتهن ، ما رأيك أن نعمل معاً يا أستاذ شاكر سنكون ثنائي رائع بمحاربة الأرواح الضائعه.
نظر إليها الأستاذ شاكر وركب سيارته وقال : أتمنى لك يوماً سعيداً واستمتعي مع الأرواح الضائعه.
فنطلق بسيارته إلى زحام الشوارع واختفى في سرب الطريق.

إنتهت.