الشخصية التاسعة أسطورة كرة القدم المصرية

✍️محمد ابراهيم الشقيفى :

من غير خجل اوتجميل لحقيقة الأمر رغم أنه ليس من بين هوايتي منذ الصغر متابعة كرة القدم إلا تشجيعاً لمنتخب مصر فى مباريات كأس العالم أو ماشبه ذلك مع تمنياتي الشديدة لفريق المنتخب أن يرفع علم بلادي فى نهاية المباراة لكن هناك ثوابت راسخة تعلمناها من طوائف المجتمع المصري الراقي أن الرياضة أخلاق وذلك عند ازدياد حالة الاحتقان والتوتر النفسي والتعصب غير المقبول لفريق ما دون إعطاء فرصة تتيح الحوار مع الطرف الآخر لتكون تلك الجملة الثنائية هى درع قوي يصد به أى حوار خارج عن حيز المألوف.
الساحرة المستديرة المعني الجوهري المتعارف عليه لكرة القدم التي الفت بين قطاع عريض من جموع فئات الشعب لها رموز جلية على الصعيدين المحلي والدولي قد شرحت حركاتها وتصرفاتهم الأنيقة معنى الأخلاق والقيم الإنسانية
وتحدثت فى صمت دون رهبة لتكسر قاعدة أن الكورة أهداف تحرزها الأقدام فى شباك الفريق المقابل بل رفعت لافتة فى أرض الملاعب مكتوب عليها الرياضية أخلاق واللاعب على أرض الواقع هو الذي يمثل جوهرها الحقيقي.
لنا فى الملاعب المصرية والعربية والعالمية بل فى عالم الرياضة بين الماضي والحاضر أمثلة نفخر بها ونعتز بأخلاقها التى تعكس فى بلد ما ثقافة بلد أخر ليس هذا من فراغ بل أتى على مدار رحلة عطاء مستمرة بعد تدريبات شاقة ومشاركات فعالة والتعرض لبعض المضايقات والشائعات المغرضة هنا تظهر علامات الرقي والتميز فى تعبيرات الوجه ورفض أسلوب اتباع نفس الخطوات فى الهجوم المضاد رغم كثرة الضباب من حوله والضغوطات آلتي يتعرض لها اللاعب على مدار الساعة لكن المبدأ عند لاعبي الرياضة بصفة عامة لا يتجزأ وخاصة فى حالة الفريق الواحد الذي يلتف حول مشورة قائد غير متعجل صبور فى المباراة والتدريب غير متعصب على جمهور مقابل متقبلا النقد برردود مشرفة لا تخرج عن نطاق المألوف دون تجريح فى سمعة لاعب أخر هكذا تعلمنا معني الجملة التي تتكون من كلمتين اثنتين.
يراودني حلم منذ الشروع في كتابة شخصيات مؤثرة أن يتناول قلمي المتواضع الحديث عن شخصية أسطورية على الساحة الرياضية على المستوي العالمي مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والشفافية المطلقة ليس عليها غبار ولا على شخصها ثمة علامات استفهام إنه الخصم الشريف الذي هاجم بكل أدب حتى أحرز الهدف بكل طمأنينة إنه المدافع الجسور الذي يشبه الخيل فى السباق ركلته مسدده بقدم مشددة الأوتار أمام حارس مرمي قد أوشك من براعته أن ينهار تمزق معه الشباك لكن الجموع الغفيرة هتفت له وباسمه الرنان بيبو الكرة المصرية والعربية الذي امتلأ قلبه عشقاً يتغزل فى جمال الساحرة المستديرة وخطف بها الأنظار وروض مفاتنها حتى انصاعت بين أنامل أطراف الأقدام طائعة لملك الملاعب محرز الأهداف.
عملاق من عمالقة الكرة المصرية الذي تردد إسمه على كل لسان منذ عدة عقود مجموعها قد تعدى النصف قرن من الزمان ويبقى صاحب المبدأ ثابتاً على المبدأ فى كل ميدان مهما كان النزال انه محمود الخطيب صانع الأهداف فى أعرق الملاعب ومزين الشباك بالاخلاق لست محللا رياضياً وبالتالي لا استطيع تقييم المباريات بصفة عامة ولا الحديث عن أداء الفريق بصفة خاصة ولست منصة تكريم تهتم بالتقاط صورة مع صانع هدف الفوز بل كل ما يهدف له كل كاتب وهو يغمز بقلمة فى عمق الجوهر أن يخرج قطرة صافية نقية تخلو من الشوائب وهو يسرد للمجتمع نبذة شارحة حول إنسانية شخص قد أحدثت ثورة فى الفكر المجتمعي المتعصب الذي لا يرى غير تصرفاته شىء صحيح لكن لنا وقفة عند وجهة نظره الصائبة الذي يحارب من خلالها التشجيع الأعمى .
ولد الخطيب في ١٩٥٤/١٠/٣٠ بقرية قرقيرة التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وزاد شغفه بكرة القدم حتى التحق فى بداية مشواره بنادي النصر الذي رفض قطعياً الاستغناء عن شخص وموهبة بمثل حجم الخطيب ظل عاما كاملاً يتدرب بالنادي الأهلي بروح الفريق الواحد إلى أن وافق نادي النصر على انتقاله لنادي القرن وكانت أولى مباريات من محض صدفة الأقدار أمام فريق ناديه السابق ولم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره ومن أول خطوة قدم له فى الملاعب حتى لحظة الاعتزال وهو ثابت على مبدأ واحد أن الرياضة فى المقام الأول هى الأخلاق والقيم انطلق وتردد اسم بيبو على كل لسان خاصة بعد الفوز مع فريقه على شباب نادى الزمالك.
بكل تأكيد لاعب كرة القدم المصرية السابق ورئيس النادي الأهلي الحالي رصيده الكروى أمر مشرف للغاية لا يحتاج إلى شرح وافي يدور حول الأهداف التي أحرزها الخطيب إن الذاكرة الرياضية الكروية مليئة بسيرته ومشواره ورحلة كفاحه الطويل التي تطرح لنا مدى بصمات فى كل الملاعب الرياضية والمباريات التي شارك فيها وكفانا فخراً بل واعتزاز أن مايسترو الرياضه المصرية قد تنبأ له بمستقبل واعد وتصاعد نجوميته وقد صدق فيه رأى الرائع الراحل الكابتن صالح سليم وقد كان بالقطع نجم كبير لو اعطيت نبذة مختصرة عن تاريخ كل هدف أحرزه فى الملاعب أو عن كل مباراة قد شارك بها مع فريق النادي الأهلي ما وسعنا سوي البدء فى مشروع كتاب كامل تدور أبوابه حول احترام الكابتن محمود الخطيب لجمهور كرة القدم بصفة مطلقة لكن الأهم من كل هذا وذاك أنه خصم شريف لا يقابل الإهانة بالسوء ويقبل النقد بكل حب و الأروع من وجهة نظري المتواضعة والافضل من أى كأس أو جائزة الإتحاد الإفريقي لكرة القدم لأفضل عشرة لاعبين خلال الخمسين سنة الماضية التي فاز بها والأهم من ترشيحه لجائزة أسطورة الكاف و الابلغ من وصفه الرئيس الحالي للنادي الأهلي نادي القرن ولا مؤهلاته أو شهادته العلمية أو تكريماته الدولية من شخصيات سياسية بارزة على المستوى العالمي بل الشىء الذى الأعم والاشمل من كل ذلك هو مكنون الحب الذي رسخ فى قلوب المصريين إضافة إلى اخلاقياته الشخصية قبل المهنية و تصرفه النبيل الذى يدرس في المحافل الرياضية التي كسر به كل قواعد التعصب الكروي فى مصر لدى أكبر جمهورين على حد علمي وحسب ما اعتقد فى محاولة جريئة هي الأولى من نوعها بعد ارتداء الكابتن محمود الخطيب قميص القلعة البيضاء فى إحدى مباريات القمة بين الغريمين الأهلى والزمالك وفى صورة تعكس جمال الروح الرياضية يتوسط الخطيب كلا من الكابتن حسن شحاته والكابتن فروق جعفر نجمي نادي الزمالك العظام وهما يرتديان قميص القلعة الحمراء للنادي الأهلي فى مشهد مهيب على أرض السلام مصر لقد نال استحسان الجمهور العريق بل رسخ فى وجدان الشعب المصري مدى نبل أخلاق الرياضيين لتكن خطوة مهمة بموافقة الثلاثي الأبطال نجوم الاهلي والزمالك وهو يتوسطهم فى صورة أرشيفية تبقى مدي الحياة وخاصة أن مبارة ديربي عام ١٩٨٧ لم تكن مجرد مبادرة كروية عاديةتدون فى ذاكرة الرياضة بل كانت حدثا تاريخيا وسياسيا وخير شاهدا على أن جمهور النادي الاهلي والزمالك قد اتحدا من أجل حب مصر بعد أن كان إيراد المباراة بالكامل داخلا فى بند تسديد ديون مصر عودوا إلى مبارة اعتزاله وانظروا إلى حب كل مشجعي الأندية والفرق فى مشهد مهيب ليس بعد كل هذا التصفيق الحار دليل على حب الجماهير هو كما قيل عنه لاعب لا يعوض على مدار التاريخ.
هكذا كانت الرياضة وأخلاق الرياضيين التى يفتقدها البعض ويتحلي بها الجمع الكابتن محمود الخطيب بنبل أخلاقه يسكن قلوب الملايين عشاق الساحرة المستديرة بعد أن وضع بصمة لا تمحي فى الجانب الأخلاقي بالمجال الرياضي وكسر قاعدة التعصب الكروي ليبقي الخطيب بيبو إلى الأبد
أسطورة كرة القدم شمعة لا تنطفئ فى نفوس المصريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى