“الحذيفي” يعتلي منبر جامع الاستقلال بإندونيسيا بحضور أكثر من 150.000 مصلٍّ و يعتبر أول خطيب عربي يخطب منذ 50 عاماً

" إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته " يؤكد الإسلام جاء ليرسخ المعاني الإنسانية العليا والقيم المثلى التي تنشدها النفوس، ليرتقي بها إلى معارج الكمال الإنساني

جاكرتا _ عبدالله بن صالح :


ألقى إمام وخطيب المسجد النبوي، فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن علي الحذيفي ، خطبة الجمعة اليوم الثامن من شهر ربيع الثاني 1446هـ في مسجد الاستقلال بجمهورية اندونيسيا، كأكبر مسجد في جنوب شرق آسيا و واحد من المعالم الإسلامية البارزة في العاصمة جاكرتا؛ بحضور جمع غفير تجاوز أكثر من 150.000 مصلٍّ، ويعتبر أول خطيب عربي يعتلي منبر الجامع منذ 50 عاماً، وسط تغطية إعلامية واسعة من القنوات الإندونيسية الرسمية التي تتابع فعاليات الزيارة الرسمية لإمام الحرم النبوي.


وشهد الصلاة والخطبة سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في إندونيسيا الأستاذ فيصل بن عبدالله العامودي والملحق الديني بالسفارة فضيلة الشيخ أحمد الحازمي، والحاج كياهي إمام الجامع الدكتور نصر الدين قمر وعدد من مسؤولي الدولة ، والشخصيات الإسلامية البارزة ، وكبار المسؤوليين في المعاهد والجامعات الإسلامية بالجمهورية ، وعدد من سفراء الدول الخليجية والعربية والإسلامية.

واستهل فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي خطبته بالحديث عن فضائل الإسلام وأنه هو الدين الخاتم الذي جاء به رسول الله ﷺ مصدِّقاً لما بين يديه ومهيمناً عليه، مؤكداً أنه ينبع من معينٍ ربانيٍّ ويشِعُّ من مشكاةٍ إلهية، وأنه دينٌ مصدِّقٌ لما قبله مما جاء به أنبياء الله ورسله، لا يختلف عنه في مقاصده ومراميه، ولا في هداياته ومبادئه ومعانيه، إنه دين الرحمة والعدل ومعاني الإنسانية الكاملة.


وبين ” الحذيفي ” أن الإسلام هو دين الحياة ودين الدنيا، ودين العقيدة القائمة على عبودية الله وحده دون سواه، ودين الشريعة المحكمةِ الثابتة في أصولها ومحكماتها وقطعياتها، المتغيرةِ في مستجداتها ووسائلها وأدواتها”.

ولفت فضيلته إلى أن الإسلام جاء ليرسخ المعاني الإنسانية العليا والقيم المثلى التي تنشدها النفوس، ليرتقي بها إلى معارج الكمال الإنساني، ويسمو بها عن حضيض النوازع الدنيئة والشهوات البائدة، ومهاوي الصراع والنزاع والافتراق مستدلا بقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً).

وحث فضيلته المصلين بلزوم الجماعة والوسطية و الاعتدال قائلاً: ” فإن هذا الدين العظيم دين رحمة وعدل وإنسانية وخير وهداية، أرسل الله به رسله وأنبيائه لينشروا في هذا الكون رحمته وعدله وهدايته، ليكون هذا الإنسان على عقيدة التوحيد الخالص لربه ، فلا يكون عبداً لغيره، ولا مملوكاً لسواه، ثم ينطلق في هذا الكون تعميراً وبناء وعلماً وخيراً وحباً ورحمة: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)، إنه دينُ وسطٍ واعتدال، وتوازنٍ وتكامل، وعقيدةٍ وعمل، وإيمان وعمل، ودين عمران وحياة، لا غلو فيه ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط، ولا وكس ولا شطط، إنه دين التوازن والتكامل الذي وازن بين متطلبات مكونات الإنسان، وأوفى كلاً منها حقه.


وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن معاني الكمال الإنساني لا تتم إلا بخمسة أمور هي: شرف المبدأ وسمو القيم للنفس، واستنارة العقل بالعلم الصحيح، وصدق العاطفة والوجدان للقلب، وارتواء الروح الظمأى بالمعاني الإيمانية، والإشباع الغريزي للبدن، وبقدر النقص في أحد هذه الخمس يتخلل النقص في التكوين الإنساني، فيهبط به عن مرتبة الكمال الذي ينشده الشرع، وقد جاءت الشريعة الربانية بإيفاء جوانب الروح والنفس والعقل والقلب والبدن توازناً وتكاملاً وإشباعاً”.

يشار إلى أن خطبة فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي بجامع الاستقلال تعد الأولى في تاريخ الجامع منذ خمسين عاماً لخطيب من خارج جمهورية إندونيسيا وباللغة العربية ، وذلك لما للمملكة وعلمائها ومشايخها وأئمة الحرمين الشريفين من مكانة وتقدير واحترام لدى الإندونيسيين حكومة وشعباً.

الجدير بالذكر أن زيارة إمام المسجد النبوي لإندونيسيا تأتي ضمن الزيارات الرسمية التي يقوم بها أئمة الحرمين الشريفين عبر برنامج “زيارات أئمة الحرمين الشريفين” الذي تشرف عليه وتنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمتابعة دؤوبة من معالي الوزير الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ ، وتتم هذه الزيارات بالتنسيق مع عدد من الجهات الحكومية ونظيراتها بدول العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى