نصر أكتوبر بعد خمسين عاما

✍️ د-  ناصر الدسوقي : 

أستهل هذا المقال بالآية السابعة من سورة محمد
حيث قال الله تعالى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ” صدق الله
العظيم .

كانت هذه الحرب المجيدة في السادس من أكتوبر لعام ١٩٧٣ م بعد سبعِ سنواتٍ مِن نكسة ١٩٦٧م ،
وأسماها الشعب المصري بالنكسة لأن الجيش المصري لم يحارب فيها قط .

لكن عقدت القيادة السياسية متمثلة في الرئيس الراحل/ محمد أنور السادات ، والقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية ، العَزمَ على خوض الحرب لتحرير أرض الفيروز ( سيناء ) .

لكن كانت هناك تجهيزات عديدة ومعقدة قبل تلك الحرب بسنين ،
ما يعرفه البعض هي حرب الاستنزاف ،
التي كان يقوم الجيش المصري من خلالها بتنفيذ عمليات خلف خطوط العدو شرق قناة السويس .

وكان التجهيز ووضع الخطة يتطلب السرية التامة مع اتباع أسلوب الخداع والتمويه الذي نفذته القيادة المصرية على الوجه الأكمل ،
مدعومة بمعلومات من المخابرات العامة والمخابرات العسكرية .

قامت القيادة العامة للقوات المسلحة بتحديد الموعد ،
الثانية ظهرا !؟.
عادة تبدأ الحروب المباشرة مع أول ضوء نهار ،
لكن أن تكون في ذروة الظهيرة ، هذا ما لم يكن متعارف عليه .

دخلت مصر تلك الحرب وعلى طول خط القناة أكثر من ستمائة مدفع ثقيل ،
وعبرت القناة في الطلعة الجوية الأولى ٣٢١ طائرة حربية ، ما بين مقاتلات وقاذفات ودعم ،
وأيضا ٣٦ طائرة مروحية ،
٢٥٠٠ مدفع م،ط ، ٨٠٠ مدرعة مع ١٧٠٠ دبابة ،
بالإضافة إلى القطع البحرية .

وقبل كل هذا وذاك
١١٠٠٠٠ ألف جندي مقاتل ،
وكان العبور والنصر بفضل الله وتوفيقه إلى أن تم وقف إطلاق النار بين الجانبين ،
وبدأت المحادثات التي خلُصَت لإتفاقية كامب ديفيد ،
وكامب ديفيد هذه ليست معاهدًة كما يتصور البعضُ أو يُقنِعه آخرون بذلك ،
بل هي إتفاقية على عدة مبادئ .

وبعيدا عن أنها حرب تدرَّس في المعاهد والكليات العسكرية على مستوى العالم نظرا لأنها معجزًة عسكرية بكل المقاييس ،
وبعيدا أيضا عن أنها آخر حرب تقليدية في العصر الحديث ،
حيث من حينها لم تنشب حرب مباشرة بين طرفين .

إلَّا أنها قلبت وغيرت موازين القوة العسكرية والهيمنة الزائفة في الشرق الأوسط ،

فالعدو المتمثل في الكيان الإسرائيلي ظاهريا ،
أصبح يوقن أنه لن يستطيع مجاراة الجيش المصري الذي تطور بصورة مخيفة للجميع ، ولن يستطيعون أن يخوضوا معه مواجهة مباشرة .
لكن يحاولون بطرق أخرى بمساعدة خارجية نعلمها جميعا !٠
ليبيا من ناحية ،
وتقسيم السودان من ناحية أخرى ،
ومن قبلهم سوريا
واليمن
وقبلهم العراق ،
وقبل كل هذا ، أحداث
الحادي عشر من سبتمبر لعام ألفين وواحد .

لكن مفاده أن حرب أكتوبر ١٩٧٣ م ، وضعت حدًّا لسيناريو كان مرسوما لتظهر بعده عدة سيناريوهات بديلة موضوعة مسبقا ،
والهدف منها هو اسقاط جيش مصر ، ومن ثم سقطت مصر ومن بعدها لا قيمة لأي جيش عربي آخر ،

وليعلم القاصي والداني أن أكتوبر ليس مجرد ذِكرى في عقول وقلوب المصريين مَن شاركوا في الحرب أو عاصروها أو حُكِيَ لهم عنها ،
بل كل لحظة يحاول أي كائن من كان على وجه البسيطة المساس لشبرٍ من أرض مِصر ستكون تلك اللحظة هي أكتوبر الجحيم عليه .

فمصر من بدء الخليقة ما اعتدت على أحد ،لكن مَن يسول له عقله أن يبدأنا بعدوان فمصر جيشا وشعبا سترفع له القبعة على ذلك ،
لكن ستضعها على قبره آنذاك .

ولو يعلم أحدهم أنه بمقدوره توجيه طائرات حربية لضرب أماكن في مصر لفعلها ،
لكن لعلمه وتيقنه أنه إذا حدث ذلك فإن طائراته تلك إذا رجعت من الأساس فلن تجد البلد التي خرجت منها موجودة على وجه الأرض .

لذا بعد حرب أكتوبر المجيد ،
أغلقنا صفحاتٍ وطوينا صفحات ، ومن وقتها قالت مصر ،
نقطة ومن أول السطر …..
كل عام
أنت يا مصر الكنانة بخير وسلامة .
كل عام
أنت يا مصر بلادي وفؤادي
وحبي وعشقي ووادي .
كل عام
أنت يا مصر جنة الله في أرضه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى