الطلاق ليس عداءً ولا حرب

✍️ صالح الريمي :

الحياة أصبحت معقدة بما يكفي من مشكلات ومنغصات وهموم فتحتاج إلى أن تسود روح “الفضل” بين الناس، أي تذكر الجوانب الجميلة دائمًا، بالرغم أن الفلاسفة يقولون أن المثالية غير موجودة الإ في الخيال ومع منظري المدينة الفاضلة والمجتمع المثالي الخالي من العيوب..
صحيح في حياتنا اليومية يعيش معنا بشر يخطئون ويصيبون ويتعاملون بالعقل مرة وبالعاطفة مرات أخرى، لكن مازال الخير موجودًا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهناك حياة سوية تسودها الصحة النفسية والاطمئنان بروح الفضل في المجتمع والأسرة عامة والمعاملة بالفضل بين الزوجين بعضهم البعض خاصة.

ولله الحمدلله هناك نماذج في حياتنا مثالية ومواقف نبيلة بين الزوجين بعد الطلاق، ولا تخلو من جوانب مشرقة، ومن وقفات وفاء من الزوجين لبعضهما، فإذا قدر وحل هذا العقد بالطلاق، فإن هذا لا يعني نسيان ما كان بين الزوجين من مواقف الفضل والوفاء، ولئن تفارقت الأبدان، فإن الجانب الخلقي يبقى ولا يذهبه مثل هذه الأحوال الصعبة اليوم..
في سياق هذا الكلام يقول الشيخ بدر بن علي العتيبي أعرف امرأة احتاجت مبلغًا من المال فلم تجد من يعينها ويحفظ ماء وجهها إلا طليقها، فارسلت له حاجتها، فجاء الرد سريعًا من طليقها مباشرة بالوفاء والكرم بحواله على حسابها الخاص، ‏بيض الله وجه هذا الزوج الكريم الذي لم ينسَ العشرة، وعسى يمينه ما تُعسر.

هناك خطأ شائع بين الناس في فهم المقصود بوصية “ولا تنسوا الفضل بينكم”؛ إذ يظن الكثيرون أن المقصود بها: أي لا تنسوا الفضل الذي كان بينكم فيما مضى من الزمان، أو الخير والمعروف الذي فعله الطرف الآخر لكم، وبما أن الآية جاءت في سياق ذكر آيات الطلاق والفراق بين الزوجين، فيفهم الكثيرون من الآية النهي عن نسيان العشرة التي كانت من الزوجين فقط..
والصحيح أن الله عزوجل يطلب منّا أن لا ننسى الفضل والمعروف والإحسان بين الزوجين بالخصوص وفي تعاملنا فيما بيننا بشكل عام مع كل الناس.

*ترويقة:*
لقد ضرب بعض الأزواج من الجنسين أروع الأمثلة في الوفاء، وحفظ العشرة، سواء لمن حصل بينهم وبين أزواجهم فراق بالطلاق، أو بالوفاة، وأذكر نموذجًا بما يكون نادرًا اليوم، وهو لشخص أعرفه، طلق زوجته التي له منها أولاد فما كان منه إلا أسكنها في الدور العلوي مع أولاده الذين بقوا عندها، وسكن هو في الدور الأرضي، وصار هو الذي يسدد فواتير الاتصالات والكهرباء ويقوم تفضلًا بالنفقة على مطلقته، حتى إن كثيرًا ممن حوله من سكان الحي لا يدرون أنه مطلق! وإني لأحسبه ممن بلغ الغاية في امتثال هذا التوجيه الرباني: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.

*ومضة:*
الطلاق ليس عداءً ولا بوابة حرب وأذية، فإن لم يكن الزواج إمساكًا بالمعروف فليكن الطلاق والتسريح بإحسان، ‏كما قال تعالى: ‏﴿وَلا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم إِنَّ اللَّهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى