الناس تشتري الوهم
✍️ خالد غواص :
بتقديري أن الوهم والتضليل من أقوى الأدوات التي تستخدم في الإعلام الموجه سواءً كان إعلامٌ سياسي أو أقتصادي حيث يكون لهما التأثير القوي على الناس
فتجدهم يندفعون كالقطعان تحت تأثير تلك الأدوات (الوهم والتضليل والترويج) وهذا ما يستخدمه التجار والشركات الكبرى في تجارتهم يبيعوا الوهم للناس تحت مسمى الماركات والعلامات وتنطلي علينا أكاذيبهم تلك علما بأن المواد التي تصنع منها الماركة والأخرى غير الماركة هن نفس المواد فأصبح الواحد منا يقول لنفسه لا أشتري الإ تيلفون آيفون غالي آخر إصدار ، لا البس الإ ساعة غالية ماركة اوميغا أو كارتير أو رولكس ، لا أركب الإ سيارة غالية جي كلاس أو بنتلي أو مايباخ أو غيرها من السيارات الأخرى التي قيمتها قيمة عشر سيارات صينية والسيارة الصينية ما يتوفر فيها من خدمات وتقنية وجودة قد لا يتوفر في تلك السيارات الغالية باهظة الثمن وبمرور عشر سنوات تصبح كلٍ من السيارة سواءً العلامة أو العادية قديمة ومتهالكة ،
علما من أن السيارة الغالية أو الرخيصة جميعهن نصل من خلالهن المشوار المطلوب وفي نفس الوقت .
أخجل البس ساعة سيكو أو كاسيو وكل الساعات الغالية أو الرخيصة تعطينا ميزة الوقت ،
لا أركب درجة سياحية أركب درجة رجال الأعمال والطائرة هي هي الجميع راح يصل أيضا بذات الوقت ،
الذهب مثله مثل بقية المعادن الأخرى ولا فرق بينه وبين الذهب الكاذب لا يميز الإ بدقة عالية من خلال المختبرات الذهب نوع الفلز غالي وسعره مرتفع والذهب الكاذب نوع البيريت رخيص وسعره طايح لا قيمة له ، من أعطى الأهلية والقيمة لمعدن الذهب هي الدعاية والترويج ، يقال أنه في العصور القديمه اكتشف الذهب رجل يوناني مهتم بالطبيعة والطبخ وذات يوم كان ينبش في الأرض فوجد هذا المعدن وخلطه مع مواد أخرى فطلع ناصع اللمعان ونشر عنه في اليونان الروايات والأساطير من أنه مبارك وطارد للجن فتم أستخدامه كزينة ولبس للآلهه في اليونان حينها وسريعا ما أنتشر في كل أصقاع الأرض وأخذ القيمة والغلاء من وقتها وتم أعتباره من أنه ثروة طبيعية ثمينة غالية وكل ذلك حصل عليه من خلال الترويج والوهم والتضليل والا لكان معدن مثل بقية المعادن الأخرى التي تقريبا تحمل نفس الخصائص والصفات .
حجر الياقوت والزجاج المتواجدة بالأحجار الطبيعية لا فرق بينهما من حيث اللون والشكل ولكن أنظر لقيمة الياقوت الثمينة والزجاج الذي لا قيمة له ،
وفي هذا السياق حدثت لي قصة يوم من الأيام كنت أمارس رياضة المشي وأنا أسير على شارع الأسفلت شاهدت ثعبان صغير طوله لا يتجاوز عشرين سنتيمتر يبدو أنه من نوع الكوبرا الصغير دست على رأسه بالحذاء فتبين لي أن حبة باللون الأحمر الفاتح خرجت من فمه وطاحت على الشارع وفق ظني ونظري حينها خاصة وأني أسمع وقد قرأت من أن الياقوت يتم إستخراجه من الأفاعي ، فالظاهر من أن تلك المعلومات المخزنة عندي بادرت مسرعة متجاوزة الظن والنظر لدي وغطت وأعمت بصري وأعتقدت من أن الحظ صدف معي يومها ،
وبعد العودة للمنزل وفي اليوم التالي أخذت الحبة وتوجهت لسوق الذهب بصلالة وسألت أصحاب المحلات من خبير بالأحجار فدلوني على إثنين بكستانيه فأتجهت إليهم وأخبرتهم بقصة الحجر التي حصلت لي وسالفة الثعبان إلى آخره ، وهم يعلمون من أن بعض أنواع الياقوت يستخرج من الثعابين ولديهم نفس المعلومات المتوفرة لدي فأخذوا يقلبوها يمين يسار ويكشفوا فيها ويستخدموا مكبرات النظر فقالوا يبدو لنا من الشكل أنه ياقوت وأخبروني أن أعرضه على مختبر خاص لفحص الأحجار وفي اليوم الثاني ذهبت للمختبر الخاص لفحص المقتنيات الثمينة كالذهب والمعادن وغيرها بمنطقة ريسوت صلالة ، أستقبلوني وتواصلوا بدورهم مع المختصين في مختبر الأحجار ذات القيمة بمسقط التابع لوزارة التجارة وأرسلوا لهم الصور وتواصلت أنا بدوري معهم فمن خلال الكلام ورواية القصة لهم وإطلاعهم على الصور التي وصلتهم من خلال المكبرات ، أخبروني بأنه زجاج وليس ياقوت برغم التشابه الكبير بينهم وأن حالات كثيرة مشابهة لي يعتقد أصحابها إنهم عثروا على حجر كريم ياقوت مرت عليهم بالمختبر وبعد الفحص تطلع النتيجة زجاج سواءً كان مصنع أو مستخرج من الطبيعة لأن الزجاج المشابه للياقوت يكون متواجد في الصخور الطبيعية كما أشرنا سابقا وعرضوا علي إذا ما أردت فصحه للتأكد ولكن أقتنعت بكلامهم من أنه خرز زجاج طايح على الشارع كونه تم العثور عليه بالقرب من مدرسة نظرا لإرتياد الناس لذلك الشارع ، ويجوز أنه بالصدفة كان تحت رأس الثعبان الذي تم قتله .
الشاهد من القصة هذه ومن خلال التواصل مع المختصين من أن هناك تشابه كبير بين الياقوت والزجاج من حيث اللون والشكل ولا يفرق بينهما الإ بالفحص والخبرة ومعلومات الحصول على الحجر لتحديد نوعه .
فالوهم والترويج تعطي القيمة للشيء على حساب شيء آخر حتى وأن كان التشابه بينهم كبير وبالنهاية جميعهم مستخرج من الطبيعة ولكن هكذا جرت الأمور وفرضتّ هذه المعادلة على الجميع .