أحاسيس متقاعدة

✍️مرشدة يوسف فلمبان :

بعد مرور سنوات الكفاح في مجلسها كانت تحدث من حولها في حيرة ومضض تشكو وضعها بعد مضي أيام من تقاعدها /
في داخلي إحساس مؤلم بأن نجمي قد أفل.. خبا فيه ذاك البريق.. وكنت أحسب أن أحلامي ضاعت بين ركام العمر الذي مضى بزخم من قضايا الذات.. ومايشوبهامن منغصات.. وهموم الحياة.. وأتساءل : ماذا عن التقاعد؟ وأجبت على استفساراتي:أن التقاعد مقبرة العامل النشيط الكادح بعد سنوات
العرق قلت بشيء من الحماس : لا للتقاعد. لا للتقوقع خلف ستار الكسل.. نعم للعمل والإصرار والإبداع.. تحديت الإنهزام.. وقاومت مساحات الشجن.. كنت أفكر بأن نهاية الخدمة هي نهاية العمر ونهاية كل شيء جميل.. كانت الظنون تذهب بي بعيدََا إلى مرافيء الإكتئاب.. وأنني أصبحت هيكلَا منبوذََا في أقاصي اللامبالاة.. مهملََا في سجل النفايات الآدمية بلا شعور.. وبلا قيمة.. ولكن لاح في الآفاق نجوم تسطع من جديد.. تتلألأ.. وتموج بضيائها بين حنايا المشاعر.. تتألق على أهداب الحياة من جديد.. تلاقيت ورفيقات الكفاح..بكل الحب فكان قرارنا أن نحيا ونتفاءل بالمرحلة الجديدة من أعمارنا نزهوا بشموخ لأننا أعطينا بدون كلل أوملل.. وخلاصة هذه العطاءات الباذخة العبقة بشذا العمر الجميل.. تجري في عصب الأجيال اليافعة جيلََا تلو جيل.. ونفخر بأننا تركنا بصماتنا في ذاكرة الزمن..
وهانحن فئة المتقاعدين نعيش حياتنا بين العبادة..وقراءة كتاب الله نؤدي فرائضه في أوقاتها.. و نقضي أوقات فراغنا بممارسة هوايات مختلفة كالتصوير.. وقراءة الكتب والكتابات الأدبية.. وقضاء أوقات ممتعة مع الأبناء و الأحفاد في الآجتماعات الأسبوعية وممارسة نشاطات مختلفة معهم لكيلا يتسرب الملل على الأجواء بين ضحكات ومرح.. ومرات نقضي معهم في نزهات ورحلات ممتعة.. ومفيدة.
هكذا نحن نعيش في زمن يفيض أناقة وروعة.. والأجمل مافي الأمر أن حكومتنا الرشيدة تصرف لنا راتبََا تقاعديََا كل شهر دون تقصير أو إجحاف..
ولله الحمد في أذهاننا خزينة من الخبرات والثقافات والمعلومات يستقي منها الأجيال القادمة..
وبما أننا واقعون تحت تأثير عصر جنون الماديات والمظاهر الزائفة.. وعصر الأمراض.. وتعتصر أعماقنا قضايا الحياة تداهمنا بين الفينة والفينة والمتاعب لا تفتأ تثقل كواهلنا.. لكننا مع ذلك في قمة السعادة والرضا.. وروح الحياة الحلوة تظللنا في واحة الأفراح والمسرات أينما كنا مع أبنائنا وأحفادنا وأحبتنا وأصدقائنا..
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

Related Articles

Back to top button