من غير ميعاد 3

قصة قصيرة

✍️ سعاد حسني :

َ و رأيته ينادي على الجرسون وسألني تشربي إيه؟ فقلت له: عصير برتقال، وبالفعل طلب منه اثنين من عصير البرتقال. وأكملنا الحديث وهويحكي لي عن نفسه وعن ظروفه، وعن حالته الاجتماعية. فهو ليس متزوجا. وفى ثانية فاجأني بهذا السؤال : هل أنت متزوجة وأحسست بشىء من الارتباك ، لكن جمعت قواي وقلت له لا. ووجدت ابتسامة تملء وجهه. ثم ألقى علي سؤال أخر وهو: لماذا لم تتزوجي حتى الأن وأنا أجد فيك الرقة والأخلاق والوقار، وكل ما يتمناه الرجل فى شريكة حياته؟ فأجبته : لأني لم أجد الرجل الذي يوافقني فى هذه الصفات، أو يشغل بالى وتفكيري، ويحرك قلبى ومشاعري. ولكن بعد لقائه أحسست أن الوضع قد تغير. وفهمت أن القدر يخفي لي شئ. وفجأة حدث موقف مريب. وجدنا امرأة دخل عندها رجل وشدها من ذراعها، وصرخ فى وجهها، وانهال عليها بالضرب. وإذ به يقف غاضبا، أحمر وجهه وذهب إليه مسرعا، وبصوت صارخ ما الذي تفعله يا رجل؟ فأجابه : دي مراتي. وهنا هدأ صوته وقال له : طيب يا أستاذ، طالما حضرتك زوجها ليه متتفهموش بالراحة، مش بالطريقة. دي وقدام الناس. ممكن تجلسوا وتتفاهموا، وإذا ما كنتش عايز اتفضل وستأتي ورائك، أنت حضرت ووجدتها جالسة بمفردها، مينفعش احراجها وسط الناس. وفى هذه اللحظة أحس الرجل بخطأه وقال لزوجته : أنا مستنيك فى البيت. ومن هنا وجدته يجمع بين القوة واللين، بين الحكمة والرجولة والشهامة فى وقت واحد. ليس هذا فحسب، بل كريم جدآ؛ لأنه ذهب إلى المرأة، وأصر أن يدفع لها حسابها، ويهديها كشىئ من التهوين عليها. وبذلك علمت ميزة أخرى ليست بكثير من الرجال : ألا وهي الحنان والعطف وهما ما يعتبر هما الرجال عيبا، ولكنه ما هما إلا ميزة وصفة الأنبياء والرجال. وفى هذه اللحظة. أدركت أنك قد تعيش عمرا كاملا لم تجد من تحترمه وتحس معه بالأمان والحنان والاطمئنان، ويأتي القدر به فجأة، دون مقدمات وأسباب، ومن غير ميعاد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى