أنا رجل

صَالِح الرِّيمِي

مقالة “أنا رجل وافتخر” كتبتها في تاريخ 13/3/2011 ميلادي، واليوم صفحة ذكريات الفيس بوك تذكرني بالمقالة، فأحببت إعادة إرسالها لكم متابعي الكرام لعل فيها خيرًا ونفعًا للجميع، وأنتظر الرأي والنقد البناء..
بداية مقالتي من رسالة وصلتني من صديق يقول فيها: (صديقي العزيز لماذا كتاباتك 90 % منها يتناول قضايا المرأة فقط.! هل إلى هذا الحد فقدت حسك الرجولي الخشن لتدافع بحرارة عن هؤلاء الحريم؟ فما هو الدافع لمثقف مثلك في ريعان شبابه أن يضع نفسه في مواضع الشبهة…؟؟) انتهى كلامه.

قد نصحني الكثير ممن يهتم لأمري أن أدع الردود جانبًا ولا التفت إليها بل أضعها في سلة المهملات، لكن أن تأتيني رسالة من إنسان عزيز علي وأعرفه تمامًا جعلني أصدم بين مصدق ومكذب، وأضع جزءً من رسالته أمامكم لتروا كيف يفكر البعض ويرى دائمًا الجانب السلبي فقط دون أدنى تفكير بمشاعر غيره..
في البداية لم أكن أعر هذه الرسائل الإهتمام الكافي، وفي أحاين كثيرة كنت أتجاهلها تمامًا ولا التفت إلى محتواها، واليوم وجدت نفسي مدفوعًا للتفكير بعمق في هذا الأمر، على الرغم أن حساباتي في مواقع التواصل تصلني شبه يومي، رسائل وردود القراء، نصيب الأسد منها رسائل إيجابية كالإشادة والمدح والنصح والتوجيه والإرشاد والنقد البناء إلى جانب حصة ضئيلة من الرسائل السلبية لا تذكر.

أقول له ولغيره هل تروني أقف إلى جانب المرأة لأحل حرامًا أو أحرم حلالًا، أم تروني أناقش المواضيع الاجتماعية بأسلوب عقلاني أزعم أن لدي شيئًا أفيد به غيري مع اختلافي مع بعض الآراء، وهذا أمر طبيعي لمن يتصدر أي مجال، وهي وجهة نظري الخاصة ولا ألزم بها أحد، مع استعدادي لمناقشة أي موضوع يخص كتاباتي المتواضعة..
إن الدفاع عن قضايا المرأة الذي أتبناه كثيرًا في مقالاتي هو محاولة لاستعادة الثقة المفقودة بين الطرفين، والتي ضاعت مع اندثار العلاقات الإنسانية السوية الخالية من كل مظاهر السيطرة والخضوع.

ودفاعي عن المرأة ليس كما يتهمني بعضهم تحيزًا لجنس الإناث، وإنما هو مطالبة بالعدل بين الجنسين وليس بالمساواة، فقد وجدت نفسي أسترجع أشياء كانت كامنة في عقلي الباطن من أحداث ومواقف عشتها، وكنت شاهد عيان على وقوع بعضها..
مما دفعني بعد تفكيرٍ عميق إلى أن استخلص من كل هذه المواقف والأحداث التي لا مجال لذكرها بأن أكتب في التيار المضاد للفكر القائم على هيمنة الذكر على الأنثى عند البعض، وكثيرًا منّا نحن يا معشر الرجال يعانى من ضغوط الحياة خارج المنزل لنوجه ردة فعلنا إلى من ينتظرن خلف أبواب بيوتنا بكل الحُب والوئام.

إذًا نحن معاشر الرجال نعانى في حياتنا من مشكلات كثيرة، وتتحكم في سلوكياتنا وتصرفاتنا عادات وراثية مزمنة، أهمها وأشدها خطرًا عقدة، “أنا رجل”، فبدلًا من أن نحاول خلق جو مفعم بالثقة المتبادلة بين الطرفين، بنينا مناخًا يسوده العداء المغلف بالود، والكراهية المستترة خلف دعوة الحُب..
لقد تحول بعض الرجال إلى كائنات غير آمنة، اتخذ من الغش أسلوبًا يتعامل به مع المرأة، ويتبنى الكذب والخداع كوسيلة للتقرب إلى قلبها في سعي لخلق علاقة غير متكافئة معها، واتبع القهر أسلوبًا لإخضاع دواتها لإرادته، فما هو الذي يمكن أن يتوقعه بعد ذلك؟

هل ينتظر منها مزيدًا من الثقة وكبير قدر من الإخلاص؟ وهل يتوقع منها بعد هذا القهر الذي يمارسه بحقها أن تتفانى فيه حُبًا وتهيم به وجدًا وتدندن له عشقًا وهي في كامل وعيها وقواها الذهنية على أشدها؟؟
إن العلاقة التي تربطنا يا معشر الرجال بمعاشر النساء هي علاقة تقوم على ثنائيات القوة والخضوع، والانتصار والانهزامية، والسيادة والتبعية، فهل بعد كل هذا ننتظر منهن “نصرًا من الله وفتحًا قريبًا لقلوب النساء بالأسلوب ذاته الذي أخضعنا به أجسادهن لشهواتنا وسياديتنا وقسوتنا؟

ترويقة:
نداء أوجهه إلى كل رجل يسعى لأن يكون سويًا وطبيعيًا وكاملًا، فليبدأ من الآن فصاعدًا بتحرير نفسه من غزو العقد الجنسية “بأنا رجل”، بالحل وبناء جسور الثقة والتفاهم والحوار مع الآخر كي نساهم معًا في إصلاح مجتمعنا، وجعله قوي الأركان سليم البنيان، خالٍ من العيوب والأمراض والنقائص، أساسه الحرية والعدل، التي تعد الدعائم الرئيسية لبناء مجتمعات حضارية إنسانية، لذا أقول لكم بالفم المليان وكلي ثقة ” أنا رجل “، ولك الحمد والشكر”.

ومضة:
أنا رجل أفتخر أني أتيت من رحم امرأة ومن أحزان حواء ومن دموع أنثى ومن قلب أم وأعيش في أحضان زوجة وأربي بناتي ليكن أمهات المستقبل..
أنا الرجل قادم من أرشيف حياة البسطاء المساكين، حياة طويلة مملوءة بالحسرة والدمعة والفقر، أنا إنسان قبل أن أكون رجلًا، لذا شطبت من داخل قلبي كل عقود الحقد والجفاف والأنانية تجاه الطرف الآخر.

رابط:
https://twitter.com/alremi_saleh1/status/1544202182588862466?t=6y2P2l4bMm17RjGjjFpMYA&s=19

✒️

كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى