طلقت زوجتي

✍️ صالح الريمي :

الزواج رابط مقدس يجب أن يُراعى، فإذا انعدم التفاهم وكثرة المشكلات حلل الله الطلاق كوسيلةٍ لعلاج المشكلات الزوجية حين لا تنفع الحلول الأخرى، ولهذا كان الطلاق حلًا لهذا الرابط المقدس، ولكن لا ينبغي أن يكون الطلاق العوبةً في ألسنة الأزواج، وعلكةً في فمِ الزوج، فلا يدري أبقيتْ امرأته على ذمته أم لا؟.
وحصلت معي قصة أن دعاني مرةً أحد الأصدقاء إلى نزهة برية في مخيمٍ لهم، فذهبت إلى مكانهم، وكان المكان جميلًا والجلسلة رائعة لم ينغصها عليَّ إلا مجموعة من الشباب جلسوا يلعبون أوراق اللعب ” بلوت”، يتشاجرون وقد قيلت كلمة الطلاق في ساعةٍ واحدةٍ أكثر من عشرِ مرات! فقلت لهم يا شباب أنتم الآن تلعبون، فما شأن زوجاتكم وهن في بيتهن بذكر الطلاق في كل شاردة وواردة؟!

من قصتي مع هؤلاء الشباب أذكر لكم قصة من الزمن الماضي وهي أيضًا جعلت من الطلاق العوبةً تقال في كل ظرف وزمان، حيث كان وزير الخليفة المنصور عيسى بن موسى يحبُّ زوجته حبًا شديدًا، وقال لها يومًا: أنتِ طالق إن لم تكوني أجمل من القمر! فقامت زوجته واحتجبت عنه، وقالتْ له: لقد طلَّقتني! فبات حزينًا، ولمّا كان الصباح جاءَ إلى المنصور، وأخبره بالخبر، وقالَ له: يا أمير المؤمنين لقد طلقت زوجتي فإن تم طلاقها كان الموت أحب إليَّ من الحياة!.
فأحضر المنصور الفقهاء، واستفتاهم، فقالوا: قد طلُقت زوجته منه! إلا رجلًا من أصحاب أبي حنيفة بقيَ ساكتًا، فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، لم تُطلق، أليس الله قال: (قد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)؟! فلا شيء أجمل من الإنسان! فقال المنصور لوزيره: لقد فرج الله عنك! وكتب إلى زوجته يقول: أطيعي زوجكِ فما طلقكِ!.
إن كان عيسى بن موسى على عراقته في الفهم والحكم، والكياسة والسياسة قد وقعَ فيه، فلا غرابة أن نجده منتشرًا اليوم بين الناس على شكلٍ مثيرٍ للاشمئزاز!

*ترويقة:*
طرائف من التراث العربي:
تشاجر رجلٌ مع زوجته في زمن الإمام مالك، وكانت الزوجة واقفةٌ على سُلمٍ في البيت، فلما اشتد غضب الزوج أثناء المشاجرة قال لها: أنتِ طالقٌ إن صعدتِ، وطالقٌ إن وقفتِ، وطالقٌ إن نزلتِ. فلم تصعد ولم تنزل ولم تقف، بل ألقَتْ بنفسها عليه حتى سقط على الأرض تحتها وأصيبت رأسه. فقام وهو يقول لها: فداكِ أبي وأمي! إن مات الإمامُ مالك أحتاج إليكِ أهل المدينة في الفتوى.

*ومضة:*
الطلاق يستوي فيه الجد والهزل، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدُّ، وهزلُهنَّ جِدُّ: النكاح، والطلاق، والرَّجعة). ويقول ابن قدامة في المغني: صريح الطلاق، لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك. فاتقوا الله في نسائكم وفي أنفسكم!

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى