رفقًا بالرجال

✍️ صالح الريمي :

أمس البارحة تخيلت نفسي جالسًا في مجلسٍ لحوار نسائي، وبدأت استرق السمع منصتًا للحوار الذي لم يبرح الكلام عن الرجال، ومشكلاتهم مع زواجتهم، فدونت شكوى كل زوجة على زوجها بعيوبه وسلبياته..
اليوم تجد الزوجة في كل مجلس شتكي زوجها متذمرةً من أفعاله وتصرفاته، وسلبياته، ومن باب العدل والإنصاف يجب أن تذكر الزوجة في كل حديث إيجابيات وسلبيات زوجها المسكين الضعيف المغلوب على أمرة، ثم تَحكم وتُحكم.

قالت الزوجة الأولى:
زوجي لا يجلس في المنزل، وإذا جلس يخلو بنفسه، قليل الحديث معي ومع أطفاله، لقد أنساني الكلام الجميل..
قالت الزوجة الثانية:
زوجي السب والشتم لا يفارق لسانه، السخرية والإستهزاء هو حاله، جلف الحديث، غليظ التعامل..
قالت الزوجة الثالثة:
زوجي أكله وشربه خارج المنزل، تعامله معي كأني خادمة، وبيته كأنه فندق، دائمًا غضبان طفشان زعلان زهقان.

قالت الزوجة الرابعة:
زوجي كل فترة اتجمل له، والبس أحسن الملابس، واضع أجمل مساحيق المكياج، واتغنج بأحلى الكلام والحن العبارات، ومع ذلك لا أجد منه ردة فعل..
قالت الزوجة الخامسة:
زوجي قليل الكلام، غير رومانسي، لا يبادلني كلمات الحُب والغرام، أحبه حتى النخاع، ولا أجد نفس المشاعر الملتهبة التي أكنها له..
قالت الزوجة السادسة:
زوجي صاحب كيف يشرب الدخان ويتعاطى الممخدرات ويشرب الكحول، ولا يبرح يومًا دون أن يضربني ويشتمني.

قال الزوجة السابعة:
زوجى كلما حصلت مشكلة بيننا يهددنى بالزواج عليّ، يتكلم دائمًا عن تعدد الزوجات حتى ازعج مرقدي!!
قال الزوجة الثامنة:
زوجي بخيل لم يغير عفش بيتي منذ سنوات، ولا يشتري لنا ملابس إلا في العيد والمناسبات..
قال الزوجة التاسعة:
زوجى يمنعنى من الخروج للأسواق والمنتزهات، حتى لزيارة أهلي، فأضطر للكذب عليه، لكي أخرج من السجن الذي وضعني فيه..
قال الزوجة العاشرة:
زوجى يهجرنى طول الليل، سهران مع التلفاز، ومتابعة آخر الأفلام ومستجداث الأخبار، ومواقع التواصل الإكتروني.

أيتها القوارير.! رفقًا بالرجال.. أين حسنات وايجابيات أزواجكن؟ هل يعقل أن أزواجكن لا يوجد بهم حسنة واحدة تذكروهم بخير؟ هل يعقل أن أزواجكن لم يقدموا أي عمل إيجابي منذ أن تزوجنكن!!
ولماذا تنتظر الزوجة من زوجها أن يبادر وهو؟ فأين دورك العاطفي والنفسي والجسدي في إحتواء زوجك؟ أين اصلاحك ما فسد من أعماله وتقويم اعوجاجه؟ هل وضحتي له يومًا سلبياته، وبدأتي تناقشيه بلطف واحترام وأدب جم؟؟
يقول الدكتور: ريتشارد كارلسون المتخصص في العلاقات الأسرية:
إن مجرد التفكير في أن ما ليس معك أفضل مما معك يحول بينك وبين التمتع بما لديك، وهذا بالفعل يمنعك من الإستفادة القصوى من علاقتك الزوجية.

يعني بمجرد تخيلك أيتها الزوجة أن زوجك غير مرغرب به ولا يعجبك، هذا يدعوك إلى عدم الرضا به كزوج والإحباط والنفور من تصرفاته، ولهذا وفق هذا المفهوم أنتِ تتعاملي مع زوجك بهذه الطريقة، وهذا التفكير يدفعك أن تقولي: لو أنني مع زوج آخر لم أكن لأواجه هذه المشكلات، وهذا صحيح فمع كل زوج جديد في حياتك الزوجية ستأتي مجموعة جديدة من المشكلات وهلم جرا، ليس هناك زواج كامل، ولا يخلو بيت من المشكلات.

أيتها الزوجة من الصباح حتى المساء كم مرة أظهرت جمالك، وزينتك، ورائحة عطرك، وهندامك، وتسريحة شعرك، وحسن ملبسك، وجمال حديثك؟ فمتى آخر مرة عندما دخل زوجك المنزل، وجدكِ باستقباله دون تشكي وصياح وعويل؟ ومتى آخر مرة وجدكِ مبتسمة في وجه فرحةً مستبشرةً؟ ومتى آخر مرة وجد منكِ حضن دافئ وقبلة حانية ومشاعر راقية؟
أيتها الزوجة: فعلك بهذه الطقوس الزوجية، وتعاملكِ الراقي والجميل مع زوجكِ، وحسن تبعلكِ له، تكسبِ قلب زوجكِ وحبه لك، وهي أعمال تتعبدي بها ربك رجاء ثوابه والدار الآخرة.

ترويقة:
أختم مقالتي بقاعدة علمية صحيحة لها علاقة وطيدة بحياتنا الزوجية: لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الاتجاه، لذا افعلي ما اوجبه الله عليكِ، وستري النتيجة الفعلية الإيجابية في حياتكِ الزوجية!.
كلمات أعجبتني كثيرًا للإمام أبن القيم والذي أعتبره شخصيًا من أعظم العلماء بخبايا ودهاليز النفس البشرية، حيث يقول: (الرضا باب الله الأعظم، ومستراح العابدين، وجنة الدنيا، من لم يدخله في الدنيا لم يتذوقه في الآخرة).

ومضة:
اليوم في مقالتي “رفقًا بالرجال” وضعت جم غضبي على القوارير فرفقًا بي وبمقالتي. فقد كنت اليوم منحازًا للرجال من كثرة الشكاوي والرسائل التي تأتيني. فعفوا منكن.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى