انطولوجيا “طاح الليل يا شيخي” بين الزمان و المكان للشاعر الجزائري توفيق ومان
محمد غاني _ الان نيوز
تتواصل الدراسات التحليلية و الإنطباعات النقدية للنص الشعري الكبير ” طاح الليل يا شيخي ” الذي ابدعه رئيس الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي الشاعر الزجال توفيق ومان
و من بين أهم من تناولوا هذه القصيدة الشعبية الملحونة الرائعة بحماس تحليلي نفضل و عميق الشاعر العروبي المتحلج التونسي ذو الاصوات الجزائرية ” طه عثمان البجاوي ” تحت عنوان وجيه ملفت للانتباه ” أنطولوجيا طاح الليل يا شيخي بين الزمان و المكان
تمهيد :
كتب وما ن طاح الليل منتظرا قدوم الصبح فعاود الكرة ولكنه كتب نص يا شيخي ولم يطلع النهار وكتب مئات النصوص عله يدرك بعض من انوار هذا الصباح طالبا الحقيقة جاهدا لاهثا صعودا ونزولا في مدرج الحكمة اتراه يسبح في يم الشعر مرات ومرات عديدة عله يدرك كنه ماء الشعر هل هو ماء يحمل حقيقة واحدة اما ان قدر الشاعر كبرمنيتش لا يسبح في النهر الا مرات وانه في كل مرة لا يسبح الا بماء طهور جديد الزمان ليس نفسه هو الزمان المكان ليس نفسه هو المكان كل شيء من حول الشاعر يتحول يتبدل فقط الشاعر الاصيل لا يتحول بل هو ثابت في مكانه كزيتونة حاملة لانوار الامل والنصر..
زمن النص في طاح الليل وفي يا شيخي ليس زمن النص في طاح الليال يا شيخي ليس نفسه.. الزمن يا سادة ماقبل السابع من أكتوبر ليس الزمن ما بعد السابع من أكتوبر
الزمن ليس نفسه بالنسبة لوظيفة الشعر ما قبل الطوفان.. فماقبل الطوفان كان الشعر مؤانسة للشعراء
وامتاع ومهرجان واحتفال واحتفاء وهروب من المعركة ومصاحبة للشيطان ولكنه بعد الطوفان صار الشعر حرب مباشرة رصاصة قاتلة للعدو.. نار حارقة للخونة من المطبعين فضح لكل المؤامرات حفر في الذات وفي التاريخ وفي الأرض.. زمن القصيد صار ملحمة للنصر وحث الهمم على الفتح المبين
مكان القصيد ليس نفس المكان تغير المكان في القصيد بعد ان اعلنت الجزائر انها سيدة المكان والزمان وبربروسة البحر والبر وقديسة الممانعة ومحاربة كل المماتعين والمطبعين وقاتلة عبيد الاستعمار
قبل الطوفان كان الشعر إلهام يمارس فيه نبوءة الشعر ودور العربيد الممارس لطقوس الحرام فوق نهود ااهاربات من قصر الحمراء بعد ان سقطت الأندلس وبغداد بعد الطوفان صار الشعر نحت للكيان و محاورة للزمان والمكان
لم يعد مهرب لن تنجو من غضب الرحمان.. أما ان تنجو وتكون عاشق فلسطين وتحملها في قلبك وعلى اكفك كجمرة حارقة للكفرة بالحياة اوتكون عبدا رخيصا لالهة المطبعين فتزيف التاريخ وتمسح الجغرافيا
المبحث الأول:
طاح الليل يا شيخي بين سحر الفسيفساء ونضج التجربة
قضى الزجال العروبي توفيق ومان أكثر من أربعين عاما تجربة شعرية ينحت الكلمة من رحم الأرض يتنقل بين ربوع الوطن العربي حاملا معه بستان ارادة الحياة يجوب الملقتيات العربية والمهرجانات الدولية ينحت من الحرف قصة لانسان عاشق للحرية والوطن والجمال
تجربة شعرية نضجت بعد ان تفتقت على كل المدارس في الزجل في الوطن العربي ولم يكن نص طاح الليل يا شيخي إلا ثمار ناضجة بوصفها عصارة حالة ابداعية تجريبية خاض فيها الزجال توفيق ومان كل أنواع النص الشعري من حيث المبنى و من حيث الوزن فكان توفيق ومان بحق حالة ابداعية من التأثر والتأثير. بالساحة الشعرية العربية
لذلك يستحيل فهم كنه نص “طاح الليل يا شيخي” دون قراءة نصوص الزجال توفيق السابقة خاصة النصين السابقين ” طاح الليل” و “يا شيخي” حتى يفكك الناقد شيفرات الدياليكتيك الحاصل على التجربة الشعرية الزجلية لشاعرنا تطورا ونضجا وإكتمالا.. وهو ما يمكن في الاخير من ادراك ان هذا النص هو فسيفاء شعرية فريدة مختزلة لقصة شاعر اصيل يحمل مشروعا ادبيا حقيقيا
المبحث الثاني :
سيكولوجية “طاح الليل يا شيخي” بين مفتاحي الشخصية
والتربة الثقافية :
يتمدد توفيق ومان على قصيده كالعاشق الولهان للوطن الجزائر في جبة الشيخ المتصوف المعرض عن الدنيا وملذاتها مستعينا بتقنية “الكشف” بوصفه احد حجرات الفكر الصوفي الروحي.. فالحضور بين يدي الشيخ مكن الشاعر من ادراك حقيقة الامة بعد ادراك علتها.. “طاح الليل” والظلمة ليست انكسارا بما يفيد الضعف والهوان كما ظن النقاد وانما حالة من السيرورة الحضارية
فظلام الامة يقابله نور الشيخ اي ان في القصيد صراع اضداد بين ظلمة الهزيمة والخيانة ونور الصبح والنصر
هذا الدياليكتيك بين النور والظلام جعل الزجال توفيق في تجربته الشعرية ايجابيا طالما انه يبني قصيده على دياليتيك الاكتمال متجاوزا فكر الاغتراب والفكر السالب النرجسي
فاشاعر تربى في مدرسة النضال وتخرج من روح الثورة الجزائرية المجيدة.. لذلك فهو لايجيد تراحيديا النواح بل هو عاشق لتراجيديا الفعل و النصر طالما ان التربة الثقافية الجزائرية هي غنية بالملاحم والبطولات والانتصارات لذلك فمفتاح شخصية توفيق ومان هي الجزائر البربروسة يبدأ منها تجربته الشعرية ويتنهي إليها
فالجزائر وتوفيق معشوقان يحلمان بالنصر والكمال.
المبحث الثالث :
معجمية “طاح الليل يا شيخي” بين التجذر والحركة :
لئن وظف توفيق المجاز والخيال في نصه طاح الليل يا شيخي من اجل الدفاع عن مشروع المقاومة في نص يعلن فيه توفيق ومان الحرب الثقافية على المطبعين العرب الا ان هذا التوظيف لم يكن توظيفا سطحيا بل كان مؤسسا على فكر منهجي به نضج حيث جعل لنصه بناءا ثنائيا مؤكدا فيه ان علة الامة في الخونة المطبعين وان فضحهم هو أول رصاصة في الحرب الثقافية لذلك بستعمل الزجال توفيق معجميا مفردات مفاتيح بنى عليها كامل القصيد وما باقي الصور الشعرية الا سوى صدى يتردد على حجرات أساس
لذلك يستعمل الزجال معجمية خاصة مرجعها الأرض والتاريخ ليرسخ وجاهة مرجعيته العربية والإسلامية في حجاج قوي حطم فيه صورة المطبع والعدو بوصفهما يحمل نفس الصورة من البشاعة والوضاعة
فكل المفردات المفاتيح تعد من المفردات التي تواضع عليها كل العرب لما تحمله من نفس روحي وقداسي.
المبحث الرابع :
سوسيولوجية “طاح الليل يا شيخي ” بين ثقافة الاوراس وثقافة النوق :
يتنقل توفيق ومان عند كتابة نص “طاح الليل يا شيخي” وكان كل شبر من الجزائر شاهد على ان الاوراس هو ملهم كل ثورات التحرر بالعالم ليستبطن الزجال العروبي الاصيل توفيق ثقاقة الثورة والنضال التي تربى عليها كل الشعب الجزائري لذلك من البديهي اليوم ان العرب من المحيط الى الخليج منقسمون بين ثقافة ملكة جمال النوق وثقافة اسياد النضال العربي ولعل هذا القصيد الاليالذي يلخص كيف بدات اللعنة العربية بعد غرق العرب في ثقافة عشق النوق حتى ضاعت نصف النوق بعد ان ضاع معها الشرف العربي
فشتان بين ثقافة المتعة والغريزة والجسد وبين ثقافة عشق الاوطان
ففي الأولى تباع فيها الاوطان والامة وفي الثانية يموت الاحرار وتحيا الاوطان والأمة
خاتمة :
يبقى نص طاح الليل يا شيخي من أجمل النصوص الشعرية التي نظمها الزجال العروبي توفيق ومان وهو ما يؤكد ان الزجال صاحب التجربة الشعرية الطويلة والغنية يحمل مشروعا ادبيا ناضجا اصيلا متجذر في الارض والتاريخ