لا تتسرع.. كن صبورًا

✍️ صالح الريمي :

هل تعاني من كثيري التذمر والشكوى؟ هل سئمت من الشاكين والمتذمرين الذين يحاصرونك في حياتك؟ لا تقلق فهذا أمر شائع وطبيعي يحصل لك مادام أنك تختلط بالناس . 

ومع ذلك لعلي أعذر بعض المتذمرين والشاكين عندما أرى حياتهم اليوم صعبة وظروفهم أصعب، ولهذا لا أستطيع تجريم “التذمر أو الشكوى” في حد ذاتها، لأن المتذكر والشاكي هم بشر، لكن يمكن كل شخص تغيير حالته للأفضل والأحسن واتخاذ إجراءات فعالة في المواقف الصعبة بالتدريب والتمرين.

لقد نشأت في صغري بمنزل يعد التذمر فيه أمرًا شائعًا، على الرغم من أن هذه العادة كانت تؤرقني نفسيًا إلا أنني وجدت نفسي أتصرف بنفس الطريقة متذمرًا من كل موقف سلبي، والقاعدة تقول: “الإنسان ابن بيئته”، وتزداد ردة فعلي العنيفة عندما يدفعني موقف ما غير مألوف للخروج من منطقة راحتي..
وعندما كبرت ووعيت بحث عن التغيير للافضل، فأخذت دورة تسمى “كيفية إزالة المشاعر السلبية من حياتك – تكتيك – تكنيك – تدريب”، ولله الحمد الدورة ساعدتني كثيرًا ثم بخبرة الحياة والعمر والظروف التي حصلت لي في محاولة التغلب على الظروف الصعبة بالصبر والحلم والأناة.

لا اخفيكم سرًا أن هذا الأمر تطلب مني مجهودًا كبيرًا ووقتًا طويلًا لتحقيقه، وفي الواقع لا أستطيع أن أقول أن الأمر نجح 100%، ولكن ما أستطيع تأكيده هو أنني حققت تقدمًا هائًلا بالفعل، وإليكم مثالين على تصرفين مختلفين في موقف متشابه لتوضيح الفرق بين التذمر والشكوى واتخاذ القرار الصحيح..
الموقف الأول (التذمر): كان قبل الدورة التدريبية، حيث يومًا تعطلت سيارتي فجأه ولم أعرف السبب، وكان أمامي الكثير من الأشياء التي يجب أن أقوم بها، ولذلك تعكر مزاجي كثيرًا وتحدثت إلى أحد مهندسي إصلاح السيارات أنني بحاجة إلى مساعدته، ثم اتصلت به عدة مرات وأنا محبط جدًا محاولًا تنفذ اقتراحاته ولكنها لم تفلح وباءت كلها بالفشل.

كلمته آخر مرة لأشكو له معاناتي وحالتي النفسية السيئة ومدى احباطي لأن شيئًا لم يحدث بإصلاح الخلل، وبدأت حالتي النفسية تسوء أكثر، ثم نظرت حولي فوجدت أن شكواي للىجل لم تجدي شيئًا، وسيارتي مازالت معطلة وأنا أقف مكاني، وعندما استوعبت وبدأت أفكر بالحل الجيد، كيف يمكنني أن أصلح الأمر بأسرع وقت ممكن، وبالفعل توصلت إلى حل المشكلة على الفور..
اتصلت بأحد السطحات، وحملت سيارتي إلى أقرب ورشة إصلاح السيارات، وما إن بدأ المهندس بإصلاح سيارتي حتى أنتهى لم يأخذ منه سوى ربع ساعة، وأنا كنت أحاول إصلاحها عن طريق الإتصال لأكثر من ساعتين ولم أفلح، وهنا فقط عرفت أنني لو فكرت من البداية بالحل الأمثل بدلًا من التذمر والشكوى لكنت وفرت على نفسي ساعتين كاملة من الوقت.

الموقف الثاني: (بدون تذمر)، بعد الدورة التدريبية وتغيير فكري بشكل إيجابي لمواجهة المواقف الصعبة بشكل صحيح وتأني، قبل عدة سنوات قام شخص ما بحك سيارتي في أحد جوانبها بينما هي متوقفة أمام منزلي مما تسبب في خلع المرآة الجانبية من جهة السائق وبالطبع عند رؤيتي لهذا المنظر لم أكن سعيدًا ولكني لم اتذمر أو اتوتر.. وبمنتهى الهدوء القيت بالأمر كله وراء ظهري واتصلت بأحد محلات قطع غيار السيارات، وذهبت واشتريت المرآة وركبتها، بالرغم أن دفع المال مقابل إصلاح شيء لم افسده هو في حقيقة الأمر شيء مزعج، ولكن التذمر والشكوى لن يجعلني أفضل حالًا، وبالفعل لأنني لم اتذمر واشكو حالي واصلحت الخلل كان يومي أفضل واستمتعت بوقتي مع من أحب.

*ترويقة:*
خلاصة الأمر: “مهما يحدث لك كن صبورًا ومبتهجًا، ولا تتألم ولا تتسرع في رد فعلك، فالنظرة الإيجابية من شأنها أن تجعل أي موقف سيء يبدو بسيطًا”، ولكي تصل إلى طريقة التفكير الإيجابي يجب عليك أن تتعلم الصبر وتتمرن عليه، وهذا ما فعلته، كيف لي أن أتغير من إنسان متذمر إلى إنسان صبور متأني؟ فعندما يكون المرء صبورًا يصبح قادرًا على السيطرة على أي موقف يصادفه مهما كانت صعوبته، وعدم التسرع في رد الفعل لا يعني أن لا تفعل شيئًا، ولكن يعني أن تركز في الحل الذي سيخرجك من هذا الموقف، وليس التفكير بالمشكلة نفسها.

*ومضة:*
يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس: (إنَّ فيك خصلتين يُحبّهما الله: الحلم، والأناة)، وخُلق الحلم والأناة هي التمهل في تدبير الأمور، وترك التعجل.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى