صدى الامواج

✍️ أنس عبدالمجيد الغبيشي:

في أحد أيام الخريف، كان هناك صياد يسمى علي. كان علي يقضي أغلب وقته على شاطئ البحر، مراقباً بحذر للتغيرات في المد والجزر. كان يلاحظ كيف أن هناك حضور غائب في هذه التغيرات – حيث تشكل الأمواج المتلاطمة وكأنها تبني سداً فوق الرمال، ثم تنسحب لتترك الشواطئ خالية.

في إحدى هذه الأيام، كان علي جالساً على الشاطئ وهو يفكر في هذا الأمر، عندما لاحظ شخصاً آخر يجلس بمفرده على الصخور. اقترب منه وسلم عليه، ليجد أنه رجل طاعن في السن، له ملامح وديعة وطيبة.

“أرى أنك تراقب البحر بإمعان”، قال الرجل. “هناك الكثير من الأسرار في حركة المد والجزر.”

علي وافقه الرأي وجلس إلى جانبه. والرجل استمر في حديثه: “ترى كيف أن هناك حضور غائب في هذه التغيرات؟ إنها تبني وتهدم، تأخذ وتعطي. هكذا هو الدم في عروقنا أيضاً – له عهد وحكاية، ينبض ويسكن، يجرح ويداوي.”

علي استمع بتركيز، مدركاً أن هناك حكمة في كلمات هذا الرجل. وفجأة، تذكر العبارة التي قرأها مؤخرًا: “بين الجزر والمد حاضرٌ غائب يبني فوق السد سد وغائبٌ حاضر ينزع الشوك من الورد.. رويداً رويداً .. فإن للدم عهد.”

“هذه العبارة الجميلة تصف بدقة ما أراه في حركة المد والجزر”، قال الرجل. “الدم الذي ينبض في عروقنا له قصة وتاريخ طويل. إنه حاضر وغائب في آن واحد – ينبض ليحيينا، ويستريح ليعافينا. وكذلك الحياة، تبني وتهدم، تجرح وتداوي.”

غادر الرجل بعد ذلك، تاركاً علي يفكر في عمق كلماته. فربما تساعد هذه الحكاية القراء على رؤية الجمال والحكمة في التناقضات الظاهرية للحياة و الحكمة و العبرة من الحوار .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى