الكاتبة / سلوى خلفان المقبالي – سلطنة عُمان
الرجولة على باب الإنقراض ياسادةفي زمن مضى، كانت الرجولة تجاه الأنثى تعني الاحترام، الحماية، والغيرة النبيلة،تلك الغيرة التي لم تكن تعني التملك أو القهر، بل كانت تعبر عن عمق الحب والحرص على من يحب،إلا أن هذه الصفات السامية للرجولة باتت مهددة بالانقراض يا سادة، مما يستدعي وقفة تأمل وإعادة تقييم.
فالرجولة الحقة هي تلك التي تميز الرجل بالشهامة والنبل، وتدفعه لحماية الأنثى ليس لأنها ضعيفة، بل لأنها تستحق الحماية والاحترام،الرجل الحقيقي يرى في الأنثى شريكاً مساوياً، ويحترم استقلالها وحقوقها،وغيرته عليها لا تعني قيد حريتها، بل هي انعكاس لحرصه على سلامتها وراحتها.
ولكن في عصرنا الحالي، نجد أن مفهوم الغيرة قد انحرف عن مساره الصحيح،أصبحت الغيرة تُفسر بشكل خاطئ، وذابت فيه القيم النبيلة كما تذوب الثلوج تحت شمس الصيف، نرى أن بعض الرجال يتخلون عن أسمى معاني الرجولة أمام موجة جديدة من التهاون والتراخي ،كفاكم يا رجال دياثة على نسائكم، فإنما الرجولة الحقة تُقاس بالغيرة النبيلة والحرص على من تحبون، لا بالخضوع والتهاون.
الدياثة، يا سادة، ليست تحررًا ولا انفتاحًا، إنها علامة على فقدان الاحترام للذات وللشريكة، هي استسلام لتيار يجرِّد العلاقة الإنسانية من روحها النبيلة، ويحولها إلى علاقة مادية جوفاء،الرجل الذي يقبل أن يتهاون في حقوق شريكته، ويتخلى عن غيرته النبيلة، هو رجل تخلى عن جوهر الرجولة الحقيقي،
حيث نرى بعض الرجال يقفون موقف المتفرج، وكأن لا رابط يربطهم بهن سوى الاسم،هؤلاء الرجال، الذين يفتقرون إلى الغيرة النبيلة، يساهمون في تآكل القيم التي تجعل العلاقة بين الرجل والأنثى علاقة مهزوزة مجردة من الإنسانية،.
فبعضا من الرجال قد تخلوا تماماً عن مشاعر الغيرة بحجة التحرر والانفتاح، مما أدى إلى تآكل جزء من نبل العلاقة بين الرجل والأنثى. هذه الظاهرة، التي يمكن أن نسميها “الدياثة”، تساهم في تفكك الروابط الإنسانية العميقة التي كانت تميز العلاقات في الماضي.
علينا أن نعيد إحياء هذه القيم في مجتمعاتنا، وأن نعلم الأجيال القادمة أن الرجولة ليست في التملك والسيطرة والتحرر والإنفتاح، بل في الحب الحقيقي والاحترام المتبادل والغيرة الإسلامية وإحياء الستر بين نساءنا،يجب أن نغرس فيهم فهمًا صحيحًا للغيرة، بحيث تكون تعبيراً عن الحب والحرص، وليست قيداً أو سجناً.
وفي النهاية، يجب أن نتذكر أن الرجولة تجاه الأنثى والغيرة عليها ليست على وشك الانقراض إذا ما سعينا لإعادة إحيائها في قلوبنا وسلوكياتنا،فلنكن نحن قدوة في هذا المجال، ولنظهر للعالم أن الرجولة الحقة هي تلك التي تتسم بالشهامة، النبل، والاحترام العميق لشريكة الحياة. بهذا، نستطيع أن نضمن بقاء هذه القيم النبيلة وتوريثها للأجيال القادمة.