هل تعرف أن المخدرات..مخدرات

فاطمة الأحمد

إذا كنت تعرف، فتصور بأن أحداً الآن، وهذه اللحظة، لا يعرف!
وتصور أكثر بكثير لو أخبرتك بأن هناك من -لا يزال- حتى لحظتنا هذه، لا يظن أن المخدرات هي مخدرات -بسوئها الكبير-..ويظنها كل شيء، عدا أن تكون آفة تسوقه للهاوية  وتسلب منه الحياة تماماً.

والعجب المكرور الذي يتجدد كل مرة، أن من تصورها، معتقداً جازماً مقدرتها في جعله بأفضل حال، و لديها المقدرة في جلب الفائدة، وإحداث المنفعة الذهنية والجسدية، لدواعي ما يجد من تراكمات ومنغصات وعطوب، جعلته يخوض اليوم تلو اليوم بشق النفس تحت تأثيرات الكرب و النفس الضعيفة والعجز عن الخلاص، أو الذي كان يتطلع للإشراق، متعطشاً للفلاح، باختياره الخاطئ لها، والتصديق الساذج أنها سر التوقد الذهني كي يحوز السبق، وبتأثيرها الفوري ليستزيد في العلو ويخطف الفوز !
وكلهم جميعاً أزلقتهم هاويتها إلى أسفل من القاع.
أرجو أن تتصور بوضوح كل هذا، وهي في اعتقاده عابرة، مجرد تجربة لن تتطور، أمر يجعله أحسن وجيد كالشفاء ثم يتوقف عن تناولها إذا تحقق..
كلهم يراها لحظة فقط، وكل شيء ليس إلا لحظة وتجربة، ثم يمكنه بعدها الرجوع.. والهول، أنّ لا أحد أمكنه الرجوع بعدها.

فجيعة كبيرة أن يكون كل شيء قد بلغ أقاصي انتقالاته نحو النور، وقفز لأعلى من وصول البصر نحو المراقي، وقناعةُ أحدٍ هذه اللحظة الآن، قناعةً لا تقبل الخوض والنقض أن المخدر ليس مخدر!..
فاستخدام مرة، تلتها مرات، و بالتدرج يأخذ في التدهور السريع، فشعور بحاجة إلى الخلاص من شيء قاهرٍ يؤلمه ويشطره، والذي ما انفك يرى في المخدر علاجه منه، فربط الاستمرار بحالات الخدر والتخففٌ من الآلام.
ثم ماهو إلا وقت قصير، وبسرعة هائلة حتى تزيد عدد مرات الاستخدام، إلى أن يقبع تحت الردمٌ والركام الضخم، فهو لا ينجو بها، ولن يمكنه الخروج منها، بل يواصل النزول نحو القاع متراجعاً بسوءٍ حاد، إلى أن يستقر في الإدمان..ليبدأ من هنا في المرحلة الأعتى، والفتك الأشد، بسلسلة من الأمراض والعذابات التي لا تنتهي، يرافقها مخالفات بالجملة تقود لجريمة على الأقل.
أخيراً..هو في نقطة الظلام الكليّ لإنسانٍ كان بالإمكان أن يكون بغاية التفاني في قمة عالية ، وقد قطع نجاحاتٍ كثيرة في الميادين،ينشر علماً ويترك أثراً، يلفه بها زهواً في الأعالي مسهماً بكل إنجاز في رقي الصرح الشامخ للوطن والأمجاد .

ما يحدث جلياً، أن هناك بيْن، من سوادٍ وبياض، بينهما حاجزٌ لا يبغي نصفٌ على آخر،واضحٌ لنا وملتبسٌ عليهم، يرونه مشوش الرؤية،و يتخبطون فيه بلا وضوح ولا هدى.
ولئن صح القول..علينا أن نعود بكل القوى والقدرات والتسخير والصفوف، وما أمكن، إلى عند لحظة الاعتقاد الباطل والظن الخاطئ ومشكلة من لا يعرف..
القضية كبرى والحل في المعرفة والتنوير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى