(الشاميّة)
قصة قصيرة
✍️ أحلام أحمد بكري :
من همهمات التسبيح ، بأصوات المصلين فجراً بأزقتها ، إلى صياح ديك الحارة ، مُعلناً فجرها الندي.
.
هكذا تستيقظ حواري الشاميّة من حافتها لمصطاحها لحشوة بني حُنين ، مستقبلة مع بزوغ فجرها خطوات الصياديين ، على أكتافهم خيرات البحر بالصيد الثمين ، بعد جولات الصيد الليليّة ..
.
عبق البحر ممزوج بخيوط الصباح ، يُعلن انبلاج الحياة بيوم جديد..
خطوات تتسارع ؛ لتنال حظها من (صفارة الصبح) بخيارات محدودة ، مطبق ومخلوطة أو فول وكسرة خبز ، وكلاهما نعمة من الله وفضل..
.
تتسلل رائحة الحطب المحترق ، وتنبعث أدخنة (الموافية) في كل منزل من حواري الشاميّة ؛ إيذاناً ببدء رحلة إعداد طعام ، فالسمك طازج وعجين البر حاضر ..
.
تتعالى أصوات الأطفال في أزقة الشاميّة باللعب والأهازيج والركض خلف بائع الحلوى والنارجيل والسمسم والدندورما..
.
أطباق الطعام يتم تداولها بين الجارات عبر مدارج صغيرة ، مخصصة للزيارات النسائيّة وتبادل الأغراض أثناء الطبخ وبعدهُ..
وبعد قيلولة الظهيرة ، يشرع أهالي الشامية بالاستعداد لوقت الأصيل ..
فالسيدات يجنين ويقطفن ردائم الفُل بعد الانتهاء من ترتيب المنزل ؛ استعداداً للخروج عصراً وتبادل الزيارات..
بينما الرجال يتجاذبون أطراف الحديث ويلعبون (الكيرم) على كرويت الشاطئ..
وأطفال الحارة يتجهون لدكاكين الشاميّة الصغيرة لشراء البطاط المسلوق مع البليلة والحمر ، ويستأنفون لعبهم الجماعي..
.
وعند المغيب وبعد الفراغ من صلاة المغرب يحلو السمر بالمنازل ، واجتماع العوائل على شاشة التلفاز ، أو صوت أم كلثوم ، وأخبار العالم عبر المذياع..
.
تهجع طرقات الشامية وحواريها بعد صلاة العشاء ؛ لتغفوا وتدخل في سُبات عميق ، مُعلنة انتهاء يومها الجميل ، حالمة بيوم جديد..
………….