العيد عنوان للفرح

✍️ صالح الريمي :

طبيعة الحياة المعاصرة فيها الكثير من التعقيدات والانشغالات، وكثير من الناس يمضي وقته متنقلًا بين الأعمال، ومشغولًا في أمور عدة، وكثيرون لا يشعرون بالراحة النفسية لأسباب ذاتية أو محيطة، فطبيعة النفس البشرية بحاجة إلى التغيير والتجديد، والعيد هو موسم للفرح، ومناسبة لتجديد مشاعر السرور وأحاسيس البهجة ودعوة لمسرات الحياة في أيام معدودة..
ولهذا كتب الله للمسلمين الفرح ليستعيدوا اللحظات الجميلة والأيام السعيدة والساعات المبهجة والمسرات ونسيان المنغصات وأسباب الفرقة والشحناء والتباغض التي تعطل الفرح، فالأعياد هي مواعيد لتحسين مشاعرنا وتجديد طاقاتنا الإيجابية وجلب السرور إلى الناس جميعًا، ومن خلال العيد نعرف التسامح، وندرك كم أننا قريبون من بعضنا البعض إذا جعلنا من الفرح عنوانًا لمشاعرنا.

وديننا الإسلامي يحث على التفاؤل، وحب الجمال، وخلق الابتسامة دائمًا لما لها من إيجابية في نفوس الناس، وجاء العيد ليكون الإنسان متفائلًا بالإيجابية في كل أحواله، وهي أصداءً ممتدة، وصورًا خلاقة، وآثارًا مفيدة في النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية وغيرها..
والعيد؛ هو المناسبة العطرة التي ينسى الناس فيها أو يتناسون همومهم وأحزانهم، ولا يرضون بغير السعادة والفرح بديلًا، والعيد دعوة إلى السرور، ودعوة لنسيان الكثير من المواقف والظواهر والمشاعر السلبية، ودعوة إلى التغاضي عن ما يعكر صفو حياتنا، فالعيد جاء محاولًا أن يجاري فيضانات الأحزان، ويذيب بعض شحومها المتراكمة طبقًا عن طبق.

ودليل الفرح في العيد أن تعيش الحُب بباقة ورد، أو خبر سار، أو دعوة على العشاء، أو معايدة، أو هدية دون موعد، وغير ذلك من المفاجأت التي قد تدخل السرور إلى قلب من تحب؛ صديق أو أخ أو أب أو أمّ أو قريب، وكلها دلائل صريحة على الحُب والاهتمام، وغالبًا ما تكون لها ردود فعل إيجابية مؤثرة وغير متوقعة من الطرف الآخر..
ومن الجميل في حياتنا أن جعل لنا بعض الأشخاص إذا التقت بهم يسر خاطرك ويبهج نفسك، أؤلئك الذين فتحوا أعينك على كل جميل في هذه الدنيا، وهذا الصنف من الناس يتفاءلون ويحبون أن يروا كل شيء بمنظار السعادة والفرح بعيدًا عن كل أشكال النظرة السوداوية للحياة.

*ترويقة:*
من مشاهد السرور بالعيد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله الحبشة، حيث اجتمعوا في المسجد يرقصون بالدرق والحراب، واجتمع معهم الصبيان حتى علت أصواتهم، فسمعهم النبي فنظر إليهم، ثم قال لعائشة: “يا حُمَيْراء أتحبين أن تنظري إليهم، قالت: نعم، فأقامها عليه الصلاة والسلام وراءه خدها على خده يسترها، وهي تنظر إليهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يغريهم، ويقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بالحنيفية السمحة..
وما جاء في خبر عائشة رضي الله عنها قالت: “دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بدفّين بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش، وتسجّى بثوبه، وحول وجهه إلى الجدار، وجاء أبو بكر فانتهرهما، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي، فكشف النبي وجهه، وأقبل على أبي بكر، وقال: دعهما، يا أبا بكر إن لكل قومٍ عيدًا وهذا عيدنا”.

*ومضة:*
يقولوا علماء النفس:
العيد صناعة بشرية إنسانية راقية ومن خلاله تستطيع الخروج من كل الإزمات وكسر دوائر القلق والهم والكدر الذي أحاط بك من كل جانب.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى