“المودة والرحمة هي التي تدوم”

✍️ أحمد بن صخي العنزي – الكويت :

عضو الاتـــحاد الدولـي للإعلاميين العرب “

قرأنا كثيرًا قول الله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. وتساءلنا: لماذا لم يقل ربّنا سبحانه “حبّا ورحمة”؟ أليس الحبّ شيئا جوهريّا لا بدّ من حصوله بين الزوجين؟
الحبّ هو تلك الكلمة التي فهمنا مذ كنّا صغارًا أنها تجعل للمقابل مكانة كبيرة له في القلب وايضاً أسمى ما يمكن أن يكون بين الرجل والمرأة، أو هكذا قيل لنا.. أحبُّ تلك الفتاة، أهيم عشقًا حين أذكرها وأنا جالس في الغرفة وحدي.. أشعر بوجع عميق في قلبي لغيابها، فيغيب عنّي النوم ولا تغيب صورتها.. وحين أراها قلبي يكاد يقفز من مكانه! أليس هذا هو الحبّ الذي عرفه المحبّون عبر التاريخ وخفقتْ به خواطرهم وأشعارهم؟
يقول العبّاس بن الأحنف:
يَدُلُّ عَلى ما بِالمُحِبِّ مِنَ الهَوى ***  تَقَلّبُ عَينَيهِ إِلى شَخصِ مَن يَهوى
وَإِنْ أَضمَرَ الحُبَّ الَّذي في فُؤَادِهِ ***  فإنَّ الذي في العينِ والوجهِ لا يخفى!
فالحبّ هوًى في القلب، غاية ما يريده لقاء المحبوب والأنس به.

ها قد لاقى المحبوب محبوبته وسكنا إلى ركن الزوجية، فما عاد الغيابُ دافعًا للشوق والذكرى، وما عاد الوجد يفتكُ بقلوب المحبّين ولا يؤرّق نومهم.. فماذا تبقّى من الحبّ إذن؟

بقيتْ المودّة والرحمة ميثاقا غليظا يربط ذلك اللقاء الطويل حتى الممات..
وانظر إلى جميل بثينة نفسه وهو يقول:
فأصبحتُ مما أحدث الدهرُ موجعًا
 وكنتُ لريبِ الدهرِ لا أتخشّعُ
فيا ربِّ حبّبني إليها وأعطني
المودّةَ منها أنتَ تُعطي وتمنعُ

فهو يرى الحبّ وجعًا دائما، “المودّةَ” غايةً ومطلبا..
الحبّ وجعٌ ينقدحُ في القلب ويُرهقه الفقدُ والغياب، والمودّة لقاء دافئ يُطبع في جوارح المحبّين..
ولمّا كانت المودّة منوطة باللقاء، كان لا بدّ من “رحمة”، فأيّ لقاء يكون إذا غابت الرحمة؟
الحبّ اندفاعةٌ للانفراد بالمحبوب.. هوًى محمومٌ لا يهدأ إلا بلقائه، ولكنّه في ذاته لا يضمن نتيجة اللقاء.. ولا يكبحُ المحبّ عن الإيذاء!

وهل تكفي المودّة وحدها؟ 
يقول سبحانه: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}. فلا بدّ من “رحمة” تهذّب بنقائها شوائب النفوس، وتَحْفِزُ عناصر الخير في قلوب المحبّين ليرفقوا بأزواجهم ويُحسنوا، والله يحبّ المحسنين..
 

وقال السدي : المودة : المحبة ، والرحمة : الشفقة ; وروي معناه عن ابن عباس قال : المودة حب الرجل امرأته ، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء ، ويقال : إن الرجل أصله من الأرض ، وفيه قوة الأرض ، وفيه الفرج الذي منه بدئ خلقه فيحتاج إلى سكن ، وخلقت المرأة سكنا للرجل

وختاماً أسال من الله المودة الدئماً بين الجميع لانها هي التي تدوم بين الاصدقاء والاحباب والارحام

وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم

Related Articles

Back to top button