ألك بي حاجة

✍️ صالح الريمي :

قديمًا سبق أن لمح لي أهل بنت بأن أتقدم لخطبة بنتهم وما رأيت فيها عيبًا، بل بالعكس زاد قدرهم عندي وكبروا في عيني، وكان التلميح ربما لأنهم شافوا مني ما اعجبهم بي، وجزاهم الله خيرًا، لكن ما دعاني لعدم الإقدام أولًا: الحياء، ثانيًا: هم من ذوي الأموال، وأنا ظروفي على قدي رجل فقير لا يملك من حطام الدنيا شيء، ولهذا خفت أن لا أستطيع ألبي احتياجات بنتهم، ثالثًا: أنا كنت أعيش في حارة بسيطة وشعبية وهم يسكنون في الحواري المعروفة بثراء أهلها في مدينة جدة، وهذا كان حاجزًا آخر حال بيننا، وراحت عليّ الفرصة..
والحياة فرص وأحيانًا إذا لم تبادر راحت عليك الفرصة، وعندما نقارن سلبيات فوات الفرصة بسلبيات المبادرة تجدها ذرة رمل في صحراء الربع الخالي، لذلك أنصح الجميع رجالًا ونساءً باقتناص الفرصة عندما تسنح الفرصة، وكما أن المستحي لا يتعلم، وأيضا قد لا يتزوج  . 

الأصل لا يتغير بأن الرجل هو من يبادر بخطبة المرأة لكن لا يمنع أن بعض النساء هي من تبادر بالخطبة لنفسها بغض النظر عن السبب ولنا في التاريخ شواهد ولم يُعاب عليه، وأشرف الخلق سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم تواترت الشواهد التاريخية في مصادر السيرة النبوية أن السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها هي التى خطبت لنفسها بعد أن رجع من رحلة الشام بتجارتها عليه الصلاة والسلام، وهذا أصلٌ في مسألة خطبة المرأة للرجل الكفوء  
الفكرة تعتمد على القيم والتقاليد الشخصية في بعض الثقافات، ومقبول أن تخطب المرأة الرجل إذا كانت المرأة تثق بنفسها وترى الرجل مناسبًا لها، فهذا يعكس قوة شخصيتها، والزواج يجب أن يكون مبنيًا على التفاهم والاحترام المتبادل، بغض النظر عن من بدأ الخطوة الأولى.

المهم أي طريقة توصل للحلال المباح من الرجل أو المرأة هي طريقة سديدة وموفقه، مادام هناك شجاعة وحُسن اختيار من الطرف المبادر وتفهم من الطرف المستقبل، وخاصة من ذوات الظروف الراغبات في زواج التراضي اللواتي يهمهن اختيار الزوج المناسب..
لكن من الأفضل على المرأة أن تلمح لوليها برغبتها بالزواج من الرجل الصالح الموثوق بدينه وخلقه دون التصريح للرجل مباشرة، ويمكن الاستدلال بما فعلته إحدى المرأتين حين قالت لأبيها عن موسى عليه السلام: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ).

*ترويقة:*
عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح لا يناقض الحياء، على أن يكون الرجل موثوقًا بدينه وخلقه، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا)، وعن ثابت البناني قال: كنتُ عند أنس بن مالك وعنده ابنة له قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقلَّ حياءها، وا سوأتاه، وا سوأتاه، قال: هي خير منكِ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضتْ عليه نفسها.

*ومضة:*
الفكرة عندي مقبولة جدًا خاصة مع تعقيدات وتسارع الحياة، فإذا وجدت المرأة من يناسبها في مستواه العلمي أو العملي أو الفكري فلم لا!؟
أيها الرجل هل تتقبل فكرة أن تخطبك امرأة؟
ويا أيتها المراة هل تتقبلين فكرة أن تخطبي رجلًا؟
ما رأيكم؟

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى