ما أصعب فراق الأحبة

✍️ صالح الريمي :

لا شيء يطفئ أنوار الكون في عين أي رجل كرحيل امرأة كان يعتبرها أرضه وسماؤه وكونه، فيظلم كل شيء حوله بعد رحيلها عن دنياه ويضيق قلبه عندما يتلفت حوله ولا يجدها ويحتاجها ولا يبصرها، ويموت آلاف المرات عندما يرى طيفها ولا يراها..
فليس هناك أشد وقعًا على الرجل من فراق زوجته التي أحبها، فالوجع قد يمتد لفترات طويلة، لأن وخزات الرحيل مؤلمة وجروحه ساخنة لا تبرؤ مع الزمن القريب.

يكتب أحد الازواج رسالة رثاء بعد رحيل زوجته قائلًا: اثنا عشر شهرًا مرّ على رحيل زوجتي، المرأة التي ضربت أروع الأمثلة في الوفاء والإخلاص، فتفتحت لها أبواب النجاح، وأصبحت نجاحاتها تتردد على الألسنة، هذه المرأة التي نجحت في إثبات أن العقل والعاطفة والعمل خطوطًا متساوية، لا تناقض فيها على الإطلاق، لقد كانت رفيقة دربي لا تتركني في كل رحلاتي وزياراتي ومهامي، فكانت نعم الزوجة والمستشارة والصديقة ودافعًا لي لعمل الكثير من أعمال الخير والبِّر، وخصوصا مع الفقراء والضعفاء والمحتاجين..
مازلتُ إلى اليوم وسأبقى – ما حييت – أذكر زوجتي، وأحزن لفراقها وأتأسّى بما خلفته وراءها من سيرة عطرة برائحة العود والمسك، وإني على العهد باقٍ، وكلي إيمان بأن الموت حقيقة، وهو أقسى ما يصدم به المرء في حياته، وإن كان ذكراها مثيرًا للحزن، فإنه باعث على العزاء والرضا، لأن تذكرها يعني دوام بقائها في الذين يحبونها.

إنكِ لم ترحلي بل غيرت مكان إقامتك لكن طالت هذه المرة، وما يعزينا هو أن كل ركن من أركان البيت وكل زاوية فيها حسك وصورتك، لكن سئمت العين من ذرف الدمع وتعود القلب على الألم والعذاب، الذي غطي حياتي بعد رحيلك وبدأت أسير الأحزان، وأصبح الحزن واليأس جزءً لا يتجزأ من أعماقي..
لكن ستبقين في قلبي، وبعقلي أشياء لم ترحل، فلم يخطر ببالي أن اللقاء لن يدوم، وأن القضاء والقدر هو سيد الموقف، وأنه ليس بيدنا حيلة أمام تصاريف القدر وتقلباته، رحمك الله يا حبيبة القلب ويا رفيقة العمر وإنا لفراقك لمحزونون.. انتهت الرسالة.

*ترويقة:*
أعجبني ما كتبه زوج بعد وفاة زوجته بكلمات تكتب بماء الذهب، يقول فيها:
لا أخفيكم أنني بعد رحيلها بدأت أتجرأ على اقتحام عالمها الخاص، أقرأ كتاباتها ورسائلها، بدأت أقرأ رسائل الواتساب التي بيني وبينها، ولربما قرأت رسالة فيصيبني تيار كهربائي من رأسي إلى أخمص قدمي، لأنني ربما كتبتها في لحظة انشغال فلم تكن بذاك الإشراق!.
وجدت من آخر الرسائل بيني وبينها وربما الأخيرة، رسالة أنها قد طلبت مني شيئًا بسيطَا – بالرغم أنني كنت وقتها على سفر – لكن لم انسى طلبها، فطلبته لها عن طريق مواقع التوصيل فلما وصلها شكرتني، فقلت لها هذا بسيط في حقك ولو استطعت لجعلتك تمشين على الذهب..
هذه الرسالة الآن مثل العسل على قلبي أنا نادم على كل لحظة رفعت فيها صوتي عليها، على كل لحظة سبَّبتُ لها فيها ألمًا أو كآبة ربما بغير قصد.

*ومضة:*
الفراق بشتى صنوفه موحش وغول كاسر في لحظة حنين قد يعصف بك حتى وإن تماسكت فإنه يترك أثره على نفسك وجسدك..
قال أحد الذين عاشوا تجربة رحيل زوجته: “أول ليلة بعد رحيل زوجتي، لم أستطع الدخول إلى غرفة نومي، لا يزال عطرها يملأ المكان”.

 

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى