تفرد بإيجابيتك

✍️ صالح الريمي :

عندما أجلس مع نفسي متأملًا في حياتي المستقبلية أتساءل متى أجد الراحة والاستقرار؟
أجد الجواب بالتوجه الذهني الإيجابي وحسن الظن بالله عزوجل والأمل به سبحانه متفائلًا بأن القام أفضل، فتعطيني شحنة بالأمل والعمل لأكون أفضل، جميل هو الأمل، والأمل هو الوجه الآخر للتفاؤل، فهما وجهان لعملة واحدة، وديننا الإسلامي يحثنا دائمًا على التفاؤل وينهانا عن التشاؤم والتطير..
ومن منّا لا يُمني نفسه بالأحلام السعيدة؟ ومن منّا لا يبني أحلامًا من الأحلام العريضة؟ ويرجو أحلامًا تقلب واقعه وتسعده. كما يقول الشاعر:
ما أضيق العيش .. لو لا فسحة.

والأمل فسحة تختلف من شخص لأخر، وهي مساحة، نجعلها منطلقًا لأحلامنا، لتكون بذلك دافعًا للتشبث بالحياة والتعلق أكثر بها وبما فيها، لكن البعض لا يبالي بفسحة الأمل، ربما لأنه يرضى بواقعه، وما عاد يُمني النفس بالأحلام..
ولهذا تجد اليوم كثير من البشر يُحَمِل نفسه ما لا تطيق من التفكير المستمر في الرزق، ويخشى المستقبل، ويتضجر من الظروف، ويجلد نفسه بلا هواده عن أي تقصير يحصل له، فلو كانت الدنيا بلا هموم لتساوت بنعيم الجنة، ثم أعطني همومك في الأعوام الماضية أين هي الآن؟ قد اُودعت في قاع الذكريات! شئت أم أبيت! وقدرنا في هذه الهموم العابرة ماضٍ ولا بد، فاجعلها تعبر قلبك ولا تعمره، وانهض إلى محرابك، ولا تدخر شيئًا مِن أوجاعك لم تبثه في سجودك!

ثم حدثني عن شعور الاكتفاء بالله الذي سيجتاح صحراء همك ليقلبها جنة وارفة، تأمل معي قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وأيُّ عسر أشق من أثقال الهموم؟! الله لا يريد لك أن تبقى أسيرًا لهذه الهموم، (بل من عسرٍ إلى يسر)..
لذا ارفق بنفسك، واجعلها تطيب وترضى بما أنت عليه اليوم من رزق، وهناك معادلة حياتية أعجبتني:
“عندما تكون راضيًا بواقعك ستملك كل شيء، وعندما تكون طموحًا كأنك لم تحقق أي شيء”، وهذه المعادلة تجعلك لا تحمل همًا أو حزنًا يزيد جمال حياتك تعب ومشقة.

قبل سنوات عثر فريق من العلماء على دليل يثبت ما للتفاؤل من محاسن على حياة المرء، فقد توصل فريق من علماء النفس الأمريكيين إلى أن الأشخاص المنشرحي البال المتفائلين على الدوام في نظرتهم إلى التقدم في السن، يعيشون لمدة أطول من أقرانهم الذين يستبد القلق بهم..
تأملوا معي هذه الآية، يقول تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، إنها آية تحث المؤمن على السلوك الإيجابي في عدم الوهن وعدم الحزن، ولهذا يقول العلماء إن إحساس الإنسان بالوهن يضعف من جهاز المناعة لديه، كذلك شعور الإنسان بالحزن الدائم يسبب له الاضطرابات النفسية المختلفة.

*ترويقة:*
أتذكر قول شيخنا الجليل فضيلة الشيخ علي الطنطاوي فله قول مأثور وكلام رائع عن المستقبل، يقول رحمة اللّٰه عليه: (درست الإبتدائي لأجل المستقبل، ثم أدرس المتوسط لأجل المستقبل، ثم قالوا أدرس الثانوي لأجل المستقبل، ثم قالوا: أدرس الباكالوريوس لأجل المستقبل، ثم قالوا: توظف لأجل المستقبل، ثم قالوا: تزوج لأجل المستقبل، ثم قالوا: أنجب ذرية لأجل المستقبل، وها أنا اليوم أكتب هذا المقال وعمري 77 عامًا ولازلت أنتظر هذا المستقبل!

*ومضة:*
تأكد أن الخير ما أختاره الله لك، وأن ما يحصل لك هو بقضاء الله وقدرته، وفي كل محنة استخرج منحة، ومن الألم ستجد أمل وخذ الدنيا بإيجابية وتفرد بإيجابيتك، ودمتم متفائلين ومتفاعلين بأن القادم أجمل.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى