صلاح الأول وفساد الآخر

✍️عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :

قدم ابن جامع السهمي مكة بمال كثير، ففرقه في ضعفاء أهلها؛ فقال سفيان بن عيينة : بلغني أن هذا السهمي قدم بمال كثير. ‍ قالوا: نعم،
قال: فعلام يعطى؟ قالوا: يغني الملوك فيعطونه.
قال: وبأي شيء يغنيهم؛ قالوا: بالشعر.
قال: فكيف يقول؟ فقال له فتى من تلاميذ: يقول:
أطوف بالبيت مع من يطوف
. وأرفع من مؤزري المسبل
قال: بارك الله عليه، ما أحسن ما قال، ثم ماذا؟ قال:
وأسجد بالليل حتى الصباح
. وأتلو من المحكم المنزل
قال: وأحسن أيضاً، أحسن الله إليه، ثم ماذا؟ قال:
عسى فارج الهم عن يوسف
. يسخر لي ربة المحمل
قال: أمسك أمسك،‍ أفسد آخراً ما أصلح أولاً. ‍
صدق الله وكذب الشاعر
وقف شقيق بن سليك على الحجاج فقال: ِأصلح الله الأمير أعرني سمعك، واغضض عني بصرك، واكف عني شرك، وإن سمعت خطأ أو زللا فدونك والعقوبة، قال: هات..،
قال: عصى عاص من عرض العشيرة فحلق على اسمي وهدم منزلي وحرمت من عطائي،
فقال الحجاج: أما سمعت قول الشاعر:
جانيك من يجني عليك وقد
. تعدي الصحاح مبارك الجرب
فلرب مأخوذ بذنب عشيرة
. ونجا المقارف صاحب الذنب
قال: أصلح الله الأمير سمعت الله عز وجل يقول غير ذلك،
قال: وما سمعته يقول ؟
قال: قال الله تعالى: {قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين… قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون}.
فقال الحجاج ليزيد بن مسلم: أمسك لهذا عن اسمه ورتب له عطاءه وابن له منزله، وأمر منادياً ينادي: صدق الله وكذب الشاعر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى