الترويح بالسفر صناعة أم ضرورة.

✍️ محمد بن عايض :

هل يعد السفر للترويح والمتعة ضرورة ملحة ؟ولماذا نعود أحيانا بنفس مشاعر الضيق التي سافرنا بها والتي كان في اعتقادنا أننا سنتخلص منها ؟ وأين تكمن متعة السفر للترويح ؟

السعادة أساسها نفسي بالدرجة الأولى ،وليس مادي  ولها علاقة وثيقة بطريقة التفكير ، لكن  الانتقال من مكان لآخر يؤثر في المزاج  وتبقى النفس المتعبة والتفكير السلبي يلاحقان صاحبهما في كل مكان يذهب إليه إذ لم يحاول الخلاص منهما مستندا على الانتقال والتغيير من مكان إلى آخر  في نبذ المشاعر السلبية .

يعد اختيار الوجهة المناسبة لمتطلبات الترويح الخاص من الأسباب المعينة والمؤثرة نسبيا في رضا الإنسان وتعديل حالته النفسية والمزاجية ، لكن مايحدث في الواقع  أن الاختيار يخضع في أحيان كثيرة لضغوط إعلانات الشركات السياحية والمسوقين السياحيين  في اختيار الوجهات ، وهي نظرة قاصرة على الربح المادي  وتكون قاصرة في الجانب النفسي وإن كانت  جيدة في جوانب مادية أخرى إلا أنها لاتحقق الاشباع النفسي ..

تعتمد متعة السفر للترويح على عناصر منها : الغرابة والجذب والتجديد . من حيث اللغة والتاريخ والثقافة وأسلوب الحياة
وتبدأ رحلة السفر الممتع بالقراءة والاطلاع عن الوجهة المحددة
وتزيد المشاهدة على  أرض الواقع  من الترابط الإنساني
وتفتح صفحات أخرى من كتاب الحياة الكبير  لترى حجم التنوع المذهل في هذا الكون وتجيب عن الأسئلة المعلقة عن هذا المكان .

إن ثراء التجربة الإنسانية ينمو بالقراءة والسفر والعلاقات السوية من خلال زيارة الأماكن المختلفة ، بينما يتوقف عند زيارة الأماكن المتشابهة عمرانا وثقافة .وتعد الأماكن الطبيعية الجميلة والطقس الملائم  مصدرا لإثراء المثيرات الحسية والجمالية وملكة الإبداع والتجديد وموردا لتجديد الأفكار وتحسن الحالة النفسية والمزاجية ، وهي  مكان مثالي للبحث عن الصفاء والهدوء والتفكير العميق .

لذلك يمكن إجمال القول أن السفر للترويح يختلف عن بقية أهداف السفر الأخرى خاصة إذا عمل المسافر على التخطيط واختيار الوجهات التي تحقق له سلامه النفسي .بعيدا عن ضغوط الإعلانات

ومما أود التأكيد عليه أن  السفر للترويح ليس أمرا ضروريا إنما هو نافذة تفتح صفحة مختارة من صفحات الكون  لتجديد الهواء  ، ولكنها قد تغلق أيضا خاصة إذا كانت هذه النافذة  مصدرا للضرر ، سواء الضرر المادي  بتحمل  تكاليف اقتصادية باهضة قد تضطر صاحبها للديون  ،أو تحمل ضررا أجتماعيا وإهمالا أسريا لمن وجبت رعايتهم ، أو أضرارا  صحية .

واعتبار السفر  للترويح ضرورة ملحة من المبالغات التي أكدت عليها الإعلانات السياحية بقوة،  وإلا فالإنسان يستطيع أن يكيف نفسه وفق وضعه  الخاص ،  ومحور الترويح هي قدرة الإنسان على التغيير والتكيف والاستجابة ، وقد يساعده السفر على  ذلك وقد لايساعده .

فكم  من شخص سافر للترويح بنفس ضيقة ومزاج عكر وعاد بنفس ومزاج أضيق ولم يستطع تغيير طريقة تفكيره ونظرته للأمور ولم يستطع التكيف فسافر وعاد بنفس المشاعر . وهذا لم يفده سفره وإنما اضناه ، فالسفر قرين المشقة  ، وإن سماه سفرا إنما هو وقت أمضاه ضياعا بين الذهاب والعودة فلا كسب استجماما يعيد نشاط النفس  ولاسلم من الخسارة وعاد بلا فائدة تذكر .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى