برائة الوحدة من تهمة القتل
✍ عهود بن عزيز الكاسب :
يعتقد الكثير أن الوحدة شيء سيئ تؤدي بصاحبها إلى الأمراض النفسية ، وماهي إلا افتراءات على (الوحدة) حينما يُدرك الأنسان أنه خُلِقَ وحيداً في رِحم أُمه وسوف يموت وحيداً ويُدفن وحيداً ويُبعثُ وحيداً ويُحاسب في الآخرة وحيداً حينها لا ينظر للوحده بمنظور سلبي ، نحنُ فعلياً مُحاطون بالبشر من كُل الإتجاهات لعلنا نبصر أين الوحدة في ذلك ! حينما نتحدث عن الوحدة فالحق للأنسان أن يشعر بتلك الوحدة دون غيرة من مخلوقات الله عز وجل ولنا بذلك أبونا آدم عليه السلام قبل أن تُخلق حواء كان وحيداً لم يكن هناك أي كائن بشري من جنسه يؤنس وحدته حتى خلق الله من ضلعهِ حواء ، إن حُرمت من أُمك أو أبيك او أختك او أخيك او صاحبك او بنيك أياً كان سيعوضك الله سبحانه بغيرهم يحبونك وتُحبهم يخدموك وتخدمهم يساعدوك وتساعدهم تؤنسهم ويأنسوك لن يتركك الله وحيداً عندما يأخذ منك بل يسخر لك من البشر ومن الملائكة ومن جنود أرضه من يقف بجانبك في هذه الحياة ، والمحزن المضحك بهذا الأمر انك سَتفِر منهم اجمعين يوماً ما كي تنجو بنفسك لمصلحة نفسك في آخر الزمان ، ولذا عندما يرغب الأنسان في تكوين نفسه يختلي بذاته فيقوم الليّل وحده ويتعبّد ويتهجّد ويكتب ويقرأ ويرسم و يخطط يجب أن يكون وحيداً كي يرتب أفكاره ، ولاشك بأن وجود البشر من بيننا أمر ضروري ، فكيف للتاجر أن يستفيد ويبيع سلعته من غير البشر ، لاتقتصر حياتك على اشخاص مُعينين اخترتهم انت مكملين لك فإنما الموازنة بين تلك وتلك تارة وتارة هي الأصل في معايير النجاح والاستمرار بأسلوب حياة هادئه ومستقره ولذا نقول بأن الوحدة ليست قاتله إنما بريئة مثل ما براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام من هذه التهم فما هي إلا افكار سلبيه مُميته كأن يرى الأنسان انه لايستطيع العيش او الاستمرار من دون هؤلاء الأشخاص المقربين فينهي حياته مبكراً مستسلماً لهذه المشاعر السلبيه الغير واقعيه وهو يدرك جيدا بأن الواقع ذاهباً لا محاله ولو رسخ في ذهنه أن ابتعاد الأشخاص المُقربين سواءً من الأقارب او الاصدقاء عنه هو الخير ذاته لعاشَ حياته مكتفياً بذاته ، وفي نهاية المطاف كيف لك بأن تكون وحيداً والله جل جلاله قريب مرافقاً لك ويراقبك ويحميك ويكفيك ويُطعِمكَ ويُسقيك ، معك في منامك واستيقاضك معك في ضلالك وفي هدايتك معك في كل حين فالوحده تكون مميته في حاله واحده فقط بابتعادك عن الله سبحانه وتعالى .