نبذة عن صحابة رسول الله الحلقة الثالثة والعشرون
...هو صحابي جليل هو حِبُّ رسول الله
✍د. لبني يونس :
هو زيد بن حارثة رضي الله عنه ، حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه هي سُعْدَى بِنْتُ ثَعْلبَة، تبنَّاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته، فكان يُدْعَى بزيد بن محمد، ومن أبنائه أسامة الذي كان معروفاً بين الصحابة “بالحِبّ ابن الحِبّ”.
حياته قبل الاسلام
كان زيد رضي الله عنه في سفر مع أمه ، فأغار عليهما جماعة من الأعراب ، فأخذوا زيداً وباعوه عبدا فاشتراه حكيم بن حزام فأهداه إلى عمته ستنا خديجة رضي الله عنها بعد زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم بقليل ،
ووهبته السيدة خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فرعاه وأحسن إليه غاية الرعاية والإحسان، وتبنَّاه على العادة التي كانت جارية في العرب قبل أن يُحَرِّم الله عز وجل التبني .
قال ابن هشام: “زيد بن حارثة بن شراحيل (شُرَحْبِيل) بن كعب .. وكان حكيم بن حزام بن خويلد قدم من الشام برقيق، فيهم زيد بن حارثة وصيف (خادم) فدخلت عليه عمته خديجة بنت خويلد، وهي يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: اختاري يا عمة أي هؤلاء الغلمان شئتِ فهو لك، فاختارت زيداً فأخذته، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فاستوهبه منها، فوهبته له، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه، وذلك قبل أن يوحَى إليه. وكان أبوه حارثة قد جزع عليه جزعاً شديداً، وبكى عليه حين فقده
وقيل أنه قال في فقده….
بكيتُ على زيد ولم أدْرِ ما فعل أحيٌّ فيُرْجَى أم أتى دونه الأجل
ثم قدِم عليه وهو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئْتَ فأقِم عندي، وإن شئتَ فانطلق مع أبيك، فقال: بل أقيم عندك. فلم يزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله فصدقه وأسلم ..”.
قصة تبني سيدنا النبي لزيد …..
ذكر ابن حجر في كتابه “الإصابة في تمييز الصحابة” وقصة تبنِّي النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة رضي الله عنه ….
فقال: “زارت سُعْدَى أم زيد بن حارثة قومها وزيد معها، فأغارت عليهم خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية على بيوت بني مِعن ، فاحتملوا زيداً معهم وهو غلام ، فأتوا به الي سوق عكاظ فعرضوه للبيع ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربعمائة درهم ، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبتْه له، قال: فحجَّ ناس من (قبيلته) كلب ، فرأوا زيداً فعرفهم وعرفوه . فقال لهم : أبلغوا أهلي..، فانطلقوا فأعلموا أباه ووصفوا له موضعاً ، فخرج حارثة وكعب أخوه بفدائه، فقدِما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: هو في المسجد ، فدخلا عليه .. فقالا: يا ابن عبد المطلب ، يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حَرَم الله تفكون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا وأحسن في فدائه فإنا سندفع لك، قال: وما ذاك؟ قالوا: زيد بن حارثة، فقال: أوَ غير ذلك؟ ادعوه فخيِّروه، فإنِ اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء، قالوا: زدتنا على النَصف (الإنصاف)، فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟
قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي ، قال: فأنا منْ قدْ علِمْتَ ، وقد رأيتَ صحبتي لك ، فاخترني أو اخترهما، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحداً ، أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا : ويحك يا زيد.. أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك. قال: نعم، إني قد رأيتُ من هذا الرجل شيئاً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك خرج إلى الحِجْر فقال : اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه. فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفسهما وانصرفا.. فأصبح يدُعِيَ زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام”.
– يتبع –