نبذة عن حياة صحابة رسول الله الحلقة التاسعة عشر

حبر الأمة وترجمان القرآن صحابي رأي جبريل مرتان َ...عباس ابن عبدالله ابن عبد المطلب... الجزء الثاني

✍ د. لبني يونس :

بعد هجرة ابن عباس كان ملازم لسيدنا النبي محمد ، وكانت صحبته للنبي حوالي ثلاثين شهرً مما جعله يأخذ عنه مباشرة
ولصلة قرابته لسيدنا النبي أثر بالغ في شخصيته فكانت خالته ام المؤمنين ستنا ميمونة بنت الحارث وكان سيدنا ابن عباس يدخل بيت النبي صل الله عليه وسلم ، ويبيت في حجرة خالته أيامًا ، ويقوم بخدمة النبي. وكان يصف للصحابة ما يراه من أفعال النبي وأقواله ، وذات مرة كان النبي في بيتِ ميمونةَ فوضَعْ ابن عباس له وَضوءًا مِنَ الليلِ فقالتْ له ميمونةُ: “وضَع لك هذا عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ” فقال النبي: “ اللهم فقِّهْهُ في الدينِ وعلِّمْهُ التأويلَ ”. وضمّه النبي إلى صدره وقال: “اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ”.

قصة رؤيته جبريل عليه السلام …..
وذكر أنه رأى سيدنا جبريل مرتين في بيت النبي ، فيقول: “رأيت جبريل مرتين، ودعا لي بالحكمة مرتين”. و روي ابن عباس قصة رؤيته لجبريل فقال …..
“كنت مع أبي عند النبي ﷺ وعنده رجل يناجيه ، فقال العباس: ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني؟
فقلت له : كان عنده رجل يناجيه. قال : أوكان عنده أحد؟ قلت: نعم. فرجع إليه ، فقال: يا رسول الله هل كان عندك أحد; فإن عبد الله أخبرني أنه كان عندك رجل تناجيه؟ قال: هل رأيته يا عبد الله؟ قلت: نعم. قال: ذاك جبريل “عليه السّلام”.

وقد لازم ابن عباس للنبي محمد في مرضه واحتضاره ووفاته ، ووصف الأيام الأخيرة للنبي، وخروج سيدنا النبي من مرضه إلى الصلاة وخطبته الأخيرة ،

وصف وفاة النبي وكيف تم غسله والصلاة عليه ، وما دار بعد وفاة النبي بين الصحابة …
تُوفي النبي وعمر ابن عباس ثلاث عشرة سنة، وقيل عشرة ، وقيل خمس عشرة لكن أجمعت المصادر على أنه كان بَلغ الحُلم.

حظي بمكانة عند النبي والصحابة والتابعين وعند المسلمين فهو ابن عم النبي
ومن أهل البيت، وأحد صغار الصحابة، ورأي جبريل عليه السلام مرتين، و دعا النبي له بالحكمة مرتين، وأجلسه في حجره ومسح على رأسه ودعا له بالعلم ، ودعا له النبي بالفقه وفهم تأويل القرآن قائلًا:”اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”،ودعا له بعلم القرآن والحكمة أيضًا: “اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة.
كما أثنى عليه العديد من الصحابة فكان عمر إذا ذكره قال: “ذلك فتى الكهول ، له لسان سؤول، وقلب عقول”.
وقال عنه عبد الله بن مسعود: “نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس”، وقال أيضًا: “لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا رجل.”، وقال عنه سعد بن أبي وقاص: “ما رأيت أحدًا أحضر فهمًا، ولا أكبر لبًا، ولا أكثر علمًا، ولا أوسع حلمًا من ابن عباس، ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات، وحوله أهل بدر من المهاجرين والأنصار فيتحدث ابن عباس، ولا يجاوز عمر قوله .”، وقال عنه ابن عمر: هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ. ويوم وفاته قال محمد بن الحنفية: “اليوم مات رباني العلم.”.

كذلك أثنى عليه العديد من التابعين من تلاميذه وممن عاصروه، فقال عنه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: “ما رأيت أحدًا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله ﷺ من ابن عباس، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا تفسير القرآن ولا حساب ولا فريضة منه ، ولقد كان يجلس يومًا ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رأيت عالمًا قَطُّ جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا”.وقال الأعمش: “كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا رَأَيْتَهُ قُلْتَ: أَجْمَلُ النَّاسِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ قُلْتَ: أَفْصَحُ النَّاسِ، فَإِذَا حَدَّثَ قُلْتَ: أَعْلَمُ النَّاسِ”.وقال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نورًا. وقال عنه عطاء بن أبي رباح: “ما رأيت مجلسًا أكرم من مجلس ابن عباس، ولا أعظم جفنةً ولا أكثر علمًا، أصحاب القرآن في ناحيةٍ ، وأصحاب الفقه في ناحيةٍ، وأصحاب الشعر في ناحيةٍ، يوردهم في وادٍ رحب”.

مجلس عبد الله ابن عباس …..
كان لابن عباس مجلس كبير في المدينة يأتيه الناس من كل مكان لطلب العلم ، ومدحه معاصروه في طريقته في الخطابة والأخذ بقلوب وعقول مستمعيه ،
فيقول صعصعة بن صوحان: “إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث، آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، وبحسن الاستماع إذا حُدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. وترك المراء، ومقارنة اللئيم ، وما يعتذر منه.”،
وكان ابن عباس يجلس يومًا ما يذكر فيه إلا الفقه ويومًا ما يذكر فيه إلا التأويل ، ويومًا اخر ما يذكر فيه إلا المغازي، ويومًا للشعر، ويومًا لأيام العرب .

– يتبع –

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى