علمهم كيف يحسنون
✍عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :
كما نريد أن يحفزنا من حولنا والمحيطون بنا، فنحن كذلك علينا أن نحفز الآخرين، ففي هذا تغيير نحو الأفضل، وارتقاء في السلوك والأداء، فالتقريع واللوم والتوبيخ كثيرا ما يكون هو الأداة المستخدمة عند حدوث ما لا يصح أو ما لا يليق، ولو سلكنا منهجا آخر فسنجد تحولا نعجب له وندهش، فبدلا من أن توبخ الأم طفلتها على سكب الماء أو عدم وضع الكأس على الطاولة لتقل لها أحسنتي، مشكورة إنك وضعتي الكأس على الطاولة بعد أن تفعله مرة واحدة، وبدلا من العتاب لنعلمهم كيف يحسنون، يقول أحد الآباء: ذات يوم أساء ابني للجميع، فضرب أخته، وشتم أخاه، وأغضب أمه، وعندما رجعت من العمل إلى المنزل اشتكاه الجميع لي، وانتظر المسكين أن أبطش به، وهممت فعلاً أن أفترسه، لكنني رأيت نظرة الحزن والانكسار في عينيه، فقد شعر المسكين أن الجميع ضده، وأنهم يكرهونه، هنا اكتفيت بالصمت الحزين وقلت لهم: سوف أتصرف معه، وبعد قليل ذهبت معه إلى المسجد، وفي الطريق وضعت يدي على كتفه، فخاف مني وارتعب، وظن أنني سأضربه، فقلت له: لا تخف، أنت ولد طيب، فلا تفعل ذلك ثانية، لقد فاجأه ما فعلت معه، فلم يكن يتوقع أن أعفو عنه، وهنا كان للعفو طعم آخر، فكانت ردة فعله أن أقبل ابني نحوي وقبلني وقال: “أحبك”، واتفقت معه على رد المظالم لأمه وإخوته، وفكرنا معًا كيف يمكنه أن يصلح ما أفسده. يقول الأب: حينها اكتشفت أننا نعاقب أبناءنا عندما يسيئون، لكننا لا نعلمهم كيف يحسنون .
نفس هذا الأمر يحدث ولكن بصور مختلفة في المدرسة، وفي اللقاءات، والدوام، والاجتماعات، وفرق العمل، لنبحث عن أساليب فيها من الرقة والعاطفة ما يسهل الطريق للمخطئ ولمن سلك طريق التقصير أن يعدل مساره، ولنقتنص لحظات الإنجاز الجيد ونستغلها للتقدم نحو الأفضل، فنتلافى ما يمكن أن يقع من أخطاء لاحقا، وخطوة واحدة ستتلوها بإذن الله خطوات، وما السيل إلا اجتماع النقط .