*لا تعيش لأجل نفسك فقط

✍ صالح الريمي :

من خلال تجربتي في الحياة، ومن خلال قراءاتي المستميتة في التفاؤل، وأيضًا من خلال معرفتي بشخصيات مثالية في العطاء، تعلمت أن العطاء أروع قيمة إنسانية، بالرغم أن المنطق العقلي لا يستوعب مبدأ العطاء لأنه يؤمن بالحسابات المادية..
فما يدخل في جيبك هو ربح، وما يخرج منه هو نقص، وبالتالي خسارة، لكن المنطق الإيماني الذي يتعامل مع الغيب يؤمن كل الإيمان بمبدأ العطاء، لأنه يرى البركة والقناعة، وما يخرج من الجيب بنية العطاء في سبيل الله يُعوض أضعافًا مضاعفة وبالتالي هو ربح وليس خسارة.

والعطاء ليس مقصورًا على الأثرياء فقط كما نظن، بل هو باب خير وعمل مفتوح على مصراعيه لكل إنسان يحمل هم الآخرين، ويملك الحافز لمساعدتهم، والمبادرة لاغاثة محتاجهم، سواء كان غنيًا أم فقيرًا، كبيرًا أم صغيرًا، رجلًا كان أو امرأة، في كل وقت وفي كل مكان، بما تملكه من مشاعر وعواطف ومعارف ومهارات وقدرات عقلية وجسدية ومالية، فليس هناك إنسان لم يؤتَ شيئًا من هذه النعم..
ولا يخفى على أحد عطاءات أولئك المانحين والمحسنين والمنفقين بسخاء على اليتامى والأرامل والفقراء والمحتاجين والمرضى، وتخفيف آلامهم وسد جوعهم وعلاج مريضهم، فكم من الفرح يدخل نفوس هؤلاء بسبب هذه العطاءات السخية والرعاية الدائمة، فالله هو وحده يجزي الإحسان، والله يحب المحسنين.

أُجريت دراسة عام 2008، طُلب فيها من مجموعة من المشاركين تقييم مستوى سعادتهم بعد إعطائهم ظرفًا يحتوي على 5 دولارات أو 20 دولارًا، وتخييرهم إما بإنفاق المال على أنفسهم، أو على شخص آخر، ووجد الباحثون أن المشاركين الذين أنفقوا المال على شخص آخر كانوا أسعد من المشاركين الذين أنفقوا المال على أنفسهم، حيث وصلت الدراسة مفادها أن “إنفاق الأموال على الآخرين يمكن أن يساهم بفاعلية في زيادة سعادة الفرد..
وهنا أعجبتني القاعدة التي تقول «من يأخذ ولا يشبع لا يعرف الشكر، ومن يعطي دائمًا لا يتوقف عن العطاء أبدًا، ومن لا يعطي مطلقًا لن يهم أبدًا بالعطاء».

*ترويقة:*
بالتجربة يقول أحد التجار:
كلما أعطيت وتصدقت ينمو مالي وتزيد ثروتي أضعافًا مضاعفة، كما وعدني ربي سبحانه وتعالى في قوله: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)، لذا علينا أن نداوم على العطاء ولو كان قليلًا؛ فقليل دائم خير من كثير منقطع..
يقول ابن القيم رحمه الله: “ربما تنام وعشرات الدعوات ترفع لك، من فقير أعنته أو جائع أطعمته، أو حزين أسعدته أو مكروب نفّست عنه، فلا تستهن بفعل الخير”.

*ومضة:*
قال تعالى: (… وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)..
توضح الآية لنا أن عاقبة الإيثار والعطاء وهو الفلاح، وأن تقدم لغيرك ما تجود به نفسك، وألا تعيش لأجل نفسك فقط، فالعطاء نهر لا يتوقف وبحر لا ينضب.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى