تجاربي في الحياة ٢٥ ” أفلا أكون عبدًا شكورًا “
✍ د. عثمان بن عبد العزيز آل عثمان :
كل إنسان متزن صالح يخاف الله تعالى، ويحرص على تكفير ذنوبه ،ويريد السعادة الحقيقية ومحاسبة النفس وكسب أجر وثواب فيالدنياوالآخرة، يحرص على الصلاة فى ساعات الليل واللجوء إلى الله تعالى “فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” وبالأخص في جوف الليل الآخر ؛ فهي أوقات تطرد الغفلة من قلبه، ويشهد فيها تنزل الرحمن – سبحانه وتعالى – إلى السماء الدنيا، فيفوز بمحبته ويُستجاب دعاؤه، وهذا طريق الصالحين والفوز بالجنان ورضا الرحمن الرحيم، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : “يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ٠٠٠ ” سورة المزمل الآيات من [١ _ ٦ ]
وقال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء : ” ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا ” الآية [ ٧٩ ]
والذي يكثر من السجود والقيام بين يدي ربه من عباد الرحمن ، إذ وصف سبحانه وتعالى عباده في سورة الفرقان فقال : “والذين يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا” الآية [ ٦٤ ]
ومدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين الذين إذا ذُكِّروا بآيات الله خروا لله سجدًا وتسبيحًا بحمده، وهم لا يستكبرون ، وذكر أن جنوبهم جفت عن المضاجع وانشغلوا يدعون ربهم خوفًا من عقابه، وطمعًا في رحمته، فقال سبحانه وتعالى : “إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذُكِّروا بها خرُّوا سجدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون * تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون ” سورة السجدة [ الآية ١٤ والآية ١٥ ]
ومن قام من الليل تحلى بصفة التقوى وهو من المتقين، بل زاده مع صفة التقوى صفة الإحسان، أي أنه من المحسنين، بنص قوله تعالى : “إن المتقين في جنات وعيون * ءاخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ” سورة الذاريات [ الآيات من ١٥ إلى ١٧ ]
وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر : ” أمَّن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه … ” [ الآية ٩ ]
ورد عند الواحدي قوله تعالى :” أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ ..” (*).
قال ابن عباس في رواية عطاء : نزلت في أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وقال ابن عمر : نزلت في عثمان بن عفان، وقال مقاتل : نزلت في عمار بن ياسر.
والأحاديث في هذا المجال كثيرة، نقتصر على حديث روته أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت : “كان النبي ﷺ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقلت له : لِمَ تصنع هذا يا رسول الله ، وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدًا شكورًا ” أخرجه البخاري برقم [ ١١٣٠ ] ، ومسلم برقم [ ٢٨١٩ ] ، لذا كان علينا بذل كافة الأعمال والطاعات من أجل التوفيق لقيام الليل، وحث الناس عليه، وهو دأب الصالحين، وتجارة رابحة للمسلمين والمسلمات، وعمل الفائزين، حيث يخلو كل إنسان بالله العلي العظيم بالرجوع والتوجه، ويشتكي إليه أحواله، ويتوكل عليه، ويسأله من فضله ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، قال الله تعالى:
“وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ” سورة النحل [ الآية ١٨ ]
فيجب علينا جميعا فعل بعض الأمور التي تعين على قيام الليل، وأهمها قوة العلاقة بالله العلي القدير، وسلامة القلب من الحقد والكراهية على المسلمين والمسلمات، وأن تضع أمام عينك أن الحياة قصيرة ولا بد من الاستعداد ليوم الحساب، والبعد عن الأمور المحرمات والمهلكات؛ فهي تبعد الناس عن قيام الليل، ويجب عليه النوم على طهارة، ويسأل الله تعالى أن يوفقه لقيام الليل، وعدم كثرة الأكل، وعدم السهر ، فنحمدالله تعالى الذي جعل الصلاة راحة للمؤمنين، ومفزعًا للخائفين، ونورًا للمستوحشين المتهجدين، و الراكعين والساجدين، عاكفين على مناجاة رب العالمين، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس من أنوار تلك القربات، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا، والثبات على طريق الخير والسعادة.
رئيس مجلس إدارة الجمعيةالخيرية لصعوبات التعلم ،رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بنعجان ،عضو هيئة الصحفيين السعوديين ،مخترع عضو مجلس إدارة جمعية تكاملية لذوي الإعاقة. [email protected]