مكتبة مصر العامة تستضيف ندوة اللغة الأم بين التعليم والإعلام لرابطة الجامعات الإسلامية
القاهرة- الآن :
نظمت رابطة الجامعات الإسلامية ندوة علمية بعنوان:” اللغة الأم بين التعليم والإعلام “، وذلك مساء يوم الخميس 29/فبراير/2024، في إطار الاحتفال بيوم اللغة الأم السنوي الذي قررته منظمة اليونسكو في 21فبراير من كل عام .
حيث عقدت الندوة بمكتبة مصر العامة في قلب النيل الخالد ، والتي أدارها الإعلامي والمذيع د. مصطفى عبدالوهاب، بشكل قائم على التفاعلية بين الأساتذة الخبراء المتحدثين وبين الحضور المشاركين.
شارك في الندوة نخبة متميزة من علماء وأساتذة اللغة العربية والإعلام، و هم: معالي أ.د. سامي الشريف الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أ.د غانم السعيد عميد كلية اللغة العربية السابق-جامعة الأزهر، أ.د. أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة، د. جمال الشاعر رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس الأعلى الثقافة، أ.د صابر عبد الدايم العميد الأسبق لكلية اللغة العربية جامعة الأزهر-الزقازيق ، ود. أحمد تيمور الشاعر الكبير.
وفي كلمته رحب معالي الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أ.د سامي الشريف بالأساتذة المتحدثين على المنصة وبكل الحضور والقائمين على الندوة.
حيث أكد معاليه في كلمته أن اللغة العربية هي رمز الهوية وهي لغة خصبة ثرية .. لها خصوصيتها، لاسيما وأنها لغة القرآن الكريم و السنه النبوية المشرفة..فضلا عن كونها لغة الأدب والإبداع عبر التاريخ .
موكدا أن لغتنا لغة ساميةو عظيمة، والدفاع عنها يجيء من واقع جهود أهلها الناطقين بها؛ للحفاظ عليها من الاندثار الذوبان .
وحول استخدام اللغة العربية في القنوات الفضائية، لفت معالي الأمين العام إلى أن عدد القنوات الفضائية العربية حاليا تبلغ 1452 قناة، يحمل الكثير منها اسماء أجنبية، وأن نسبة كبيرة من هذه القنوات تستخدم اللهجة المحلية وليس اللغة العربية، وبهذا نفقد جزءا من هويتنا .
وأضاف معاليه أنه دائما ما يدور جدال كبير حول: من المسؤول عن إفساد اللغه العربيه هل التعليم أم الإعلام؟،وأن هناك شدا وجذبا بين المؤسسات الإعلامية والمؤسسات التعليمية حول ذلك .
مبينا أنه من الضروري ضبط المصطلحات التي تستخدم في وسائل الإعلام، لاسيما التي تتعلق بالسياسة، بحيث يتم استخدام مصطلحات دقيقة ومنضبطة وموحدة في الرسالة الإعلامية.
وقال معالي الأمين العام: إن رابطة الجامعات الاسلامية تولي اهتماما بالغا بكل ما من شأنه الحفاظ على اللغة العربية، ومواكبتها لمتغيرات العصر، فضلا عن جهود الرابطة مع الجامعات الأعضاء في الارتقاء بمناهج ومقررات تعليم اللغة العربية، مع استخدام أفضل السبل المتطورة في ذلك .
مضيفا أن الرابطة تهتم بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.. حيث تسير وفق منظومة علمية متكاملة، وتعمل على إعطاء دورات تدريبية لتعليم اللغة العربية للطلاب والباحثين من غير العرب باستخدام التكنولوجيات الحديثة .
.. وللحفاظ على اللغة العربية نادى معالي الأمين العام بضرورة اجتياز طلاب الدراسات العليا والمتقدمين للترقية لاختبار (تويفل اللغة العربية)، مؤكدا أنه ليس من المطلوب أن يتحدث الناس باللغة المقعرة لكن عليهم التحدث بلغة سهلة مفهومة غير ركيكة .
في حين أكد أ.د غانم السعيد عميد كلية اللغة العربية السابق-جامعة الأزهر، أن من أخطر الأمور على لغتنا العربية هي (وسائل التواصل الرقمي) لأنها مفتوحة دون رقيب ولا حسيب
وباتت المشكلة أكثر خطورة مع ظهور (الفرانكوآراب) التي تشبه ما كان يحدث قديما من كتابة العربية بالحروف اللاتينية .
وأضاف(السعيد) أن اللغة العربية في خطر شديد وسيظهر أثره خلال جيل أو جيلين .
بينما بدأ أد. أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة، :كلمته بهذا التساؤل: لماذا تحولت مصر من اللغة المصرية القديمة إلى اللغة العربية؟ .. ألم يكن لدينا كتب ككتاب الموتى، والفلاح الفصيح وغيرها مما كتب على الجداريات؟
مجيبا على هذا التساؤل: بأن مصر قديما شغلتها علاقة الإنسان بالكون.. وجاء الإسلام مجيبا عن هذه العلاقة وموضحا ماهيتها .. حيث تم استخدام اللغة التي هي لغة الدين .
وعن أهمية اللغة العربية أضاف (د. بلبولة) أنها لغة مهمة ليس لنا فقط بل ولغيرنا.. لذا فقد اعتمدتها الأمم المتحدة كلغة سادسة على مستوى العالم .
فهي من تحمل التراث، وهي مهمة لصناعة العقل، كما أنها تعد أداة معرفية راسخة .
وطالب (بلبولة) بضرورة تعليم الطلاب العربية في المراحل الأولى إذ يعد ذلك واجبا وطنيا وأمنا قوميا.
وحول مواكبة اللغة للحداثة قال د.جمال الشاعر رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة: هل العامية أكثر مواكبة للحداثة والتطورات والمتغيرات أم اللغة العربية؟
مجيبا:بالطبع العامية .
فاللهجة العامية تعطي معنى مركبا للكلمات وهي الأسرع والأكثر انتشارا بين الناس.
وأضاف (د.الشاعر) أن الصراع والمقارنة المفتعلة بين العامية والفصحى محتاجة لمصالحة.. فتوفيق الحكيم عمل مصالحة بين الاثنين.. والشيخ الشعرواي لو لم يستخدم العامية لما وصل لهذا الوضوح في شرحه.
مبينا أن اللغة العربية تحولت إلى لغة تراثية تعبدية أكثر منها لغة علمية.. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب. أهمها أن اللغة العربية لم تواكب الحداثة.
مضيفا أن هناك جهودا كبيرة لتوطين العلوم لكن ليس بالشكل الكافي.
وأوضح( الشاعر) أنه لن نتقدم إلا بتوطين العلوم، فهي سبب الازدهار في عصور كثيرة عن طريق الترجمة.
لافتا إلى أن المجتمعات والعقول العربية محرومة من المعرفة.
مناشدا المبعوثين في الخارج أن يقوموا بترجمه كتابين فقط بلغة البلد التي هم فيها.. وبهذه الترجمة ستزداد المعرفة.
فيما أوضح أ.د صابر عبد الدايم العميد الأسبق لكلية اللغة العربية جامعة الأزهر-الزقازيق أن كل لغة ينطق بها الناس هي آية من آيات الله يسخرها لهم.. لكن التفضيل للغتنا العربية يعود لأنها لغة القرآن وهي من عند الله تبارك وتعالى .
مضيفا أن اللغة العربية ليس لها ثمرة إلا مع الإنتاج، وليس باستخدامها في التحدث فقط.
مبينا أن من أبرز معوقات اللغة العربية أن سوق العمل لا يحتاج لمتقني اللغة..بل يتم الاهتمام بإتقان لغات أخرى.
ونادى د. صابر إلى ضرورة جعل مادة الدين مادة أساسية تدخل في المجموع؛ لاسيما وأنها تدخل في تشكيل وجدان الطفل وثقافته.
… واحتفالا باليوم الأم وتعظيما لجمال لغتنا العربية وبلاغة ورقة كلماتها ألقى د. أحمد تيمور الشاعر الكبير، قصيدة بعنوان: ( هي اللغة ) والتي وصفت عذوبة وروعة اللغة العربية وكيف أنها تعبر بشكل كبير عما يدور في العقل و القلب والوجدان من أفكار ومشاعر.. وقد لاقت القصيدة استحسانا كبيرا من الحضور.
وفي ختام الندوة أتيح التعقيب للحضور، و تم فتح باب الأسئلة والمداخلات وتوجيهها للمنصةحيث أجاب المتحدثون على كل الأسئلة التي وجهت إليهم …مما زاد من فعالية الندوة وثرائها.