رجال بألف “فريح العقلا” 3

صالح الريمي :

مقتطفات من حياة الشيخ فريح العقلا.. 1*

– في حياة الشيخ فريح العقلا رحمه الله قصص تذهل السامع، وله جوانب شخصية عظيمة يجب الاقتداء بها، لأن فيها من الإخلاص الشيء الكثير، وربما يُعرف هذا في كرهه للثناء والمدح وكتابة اسمه في أي عمل أو التصوير، يقول أحد الإخوة ممن كانوا معه في العمل الخيري: “في أحد الأعمال وضع اسمه على حجر الأساس، فأخذ حجر ومسح اسمه قبل وقت الإفتتاح من على حجر الأساس”..

– أما شجاعة الشيخ فريح العقلاء فحدث ولا حرج، فقد كان مقدامًا لايخاف إلا ممن خلقه، تجده يتبنى أعمال تحتاج إلى جمعيات خيرية تتبناها لكن شجاعة الشيخ تجعله مقدامًا ومبادرًا من جهة نوع العمل أو الدولة التي يريد أن يعمل بها العمل أو حتى توقيت العمل نفسه..

– مازال البعض يتذكر خطبة الشيخ فريح الأخيرة المشهورة في جامع الأمير منصور، كانت خطبة قوية وواضحة صدع فيها بما يدين الله به، وكان يردد لمن يعمل معه توكل على الله ورتب أوراقك وجهز نفسك للسؤال لو حصل أي مسائلة تكون جاهز للإجابة، وصفة المبادر هي التي جعلته ليكون في مقدمة رجال العمل الخيري في جدة..

– في أحداث 1409 هجري في جدة أثناء أزمة المدارس كان يتحمل تكاليف دراسة الطلاب المقيمين، وأيضًا عند أزمة تصحيح الأوضاع للمقيمين كان له وقفات إنسانية في الجانب المعيشي للناس وتكفل بالمبالغ المالية وغيرها الكثير من المواقف النبيلة تجاه المحتاجين..

– ومن مبادرته رحمه الله في العمل الدعوي، كان له يومًا مفتوحًا في جامع الأمير منصور بعد صلاة الفجر حتى بعد صلاة العشاء، يعرف هذا العمل الكثير من طلاب العلم والدعاة في جدة، وهذه المبادرات جعلته محل توجه الناس إليه عند الأزمات لعل الله يجعله مفتاحًا لهم، وكان غالبًا محل حسن ظن الناس به، وبالكاد يرد أحد بخفي حنين..

– وكان رحمه الله واسع الأفق يعمل حتى مع من عندهم بعض الأخطاء إذا كانوا في دوله هندسية أو هم قله في بلد غير مسلم، كان يعينهم ويقربهم من السنة، وإذا عمل في دولة، الإسلام فيها ظاهر عمل مع أصحاب الدعوة الصحيحة، ومن العلماء الربانيين، أما المشاريع الخيرية المحضه تكون لكل مسلم دون ضيق في الأفق، ويدعم فيها الأسر الفقيرة ولو كانت مقصرة في التدين، ويكفل الأيتام بغض النظر عن أي شيء آخر.

– وكان الشيخ فريح العقلا رحمه الله يعتذر ويتودد لمن خالفه، وكنا نغضب من بعض أئمة المساجد أيام الصناديق ورفضهم الجمع للمشروع الخيري للزواج لتحسسهم من إختلاف منهج الشيخ عنهم، فكان يبتسم ويصبرنا ويأمرنا بالذهاب للمساجد الأخرى، وبعض هؤلاء الأئمة المخالفين للشيخ فريح العقلا هم عند الشيخ محل تقدير واحترام، وندع له رغبته دون أن نتهجم عليهم أو نتكلم فيهم أمامه، مع أننا نعلم أنهم لم يمنعونا إلا لأجل اختلاف في أسلوب الدعوة،

– وأجمل شيء في الشيخ مراعاته للتخصص، وهذه لعمر الله من عجائب شخصيته، فهو غير مختص في علم الشريعة، بالرغم أن لديه قدرًا كبيرًا من العلم الشرعي يأهله للتدريس والتعليم، ومع هذا كان إذا جاءت المسالة الشرعية اتصل بالعلماء وأخذ عنهم واذا جاءته المسائل الدعوية يشاور مع الدعاة، وإذا جاءت المسائل الطبية تجده يتشاور مع الدكتور إسماعيل وغيره، وهكذا في المسائل المعاصرة عارفًا لأهل التخصص تخصصهم، ولهذ تجد أعماله شاملة في نشر المراكز العلمية، وتجد أعمال إنشاء المطابخ لعمال الطعام في دولة اخرى، وفي دولة أخرى بيت من هنجر وصفيح.

– وأما العمل المؤسسي فهو صاحب الخبرة في عمل مجلس الإدارة وأعضاء اللجان ووو وهذا النوع من الأعمال فيه كثير من القيود والشروط والحسابات ومع هذا يتكيف معها ويرتبها بشكل قريب من المطلوب ويواصل العمل جمعًا بين التعليمات والشجاعة بالصدق وبذل العمل..

– يقول أحد الإخوة كنت يومًا في مجلسه وسمعته يتحدث مع أحد التجار، وكان التاجر يسأل عن داعية كان يدعمه في دعوته، وكان على غير منهج الشيخ فريح، فقلت في نفسي سوف يتكلم في الداعية ويسحبه لدعم مشاريعه الخاصة، فتفاجأت بثنائه على أمانة وصدق ذلك الداعية مباركًا للتاجر تعاونه معه..

*ترويقة:*
الأعمال العظيمة تحتاج إلى رجال عظماء وجهود عظيمة وأوقات أعظم، فلا يقبل النجاح بسفاسف الأعمال والأقوال، ولا يرتضي بالوقت الضائع، ولا يجيز الأخلاق المهترئة، ولا يقر بالكسالى ولا النائمين ولا الجهلة، ولهذا طريق العظمة والخلود لهو طريق لا يليق إلا بالرجال ولا أعني بالرجال هنا “الجنس الذكوري” بل أعني صفات الرجولة الحقه.

*ومضة:*
قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْمَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى