صرخة طفل

✍د.هنيدة بنت نزيه قدوري :

هناك العديد من القصص الحقيقية التي يبكي لها القلب قبل العين سمعتها عن ” أطفال الطلاق” وهم الأطفال الذين شاء لهم القدر أن يكونوا بين أم وأب منفصلين دون ذنب لهم، فلديهم وجع لا ينتهي وصراخات لا يشعر بأنينها سواهم  . 

فهناك صرخة طفلة تنازلت الأم عنها وعن أخواتها من أجل تحقيق الذات، ومن أجل الشعارات المزيفة ” حبي نفسك” وتركت الحضانة للأب المشغول بعمله وأصبحت المربية الفلبينية المسيحية هي التي تتولى الاهتمام بهم وبدراستهم والحرص على حصولهم على درجات عالية في المدرسة، وكانت هذه الطفلة عندما تنجز شيء جميل في المدرسة تأتي مسرعة إلى المربية؛ لتخبرها وتفرح معها وأصبحت تناديها “ماما”.

وصرخة أخرى لطفلة في حضانة والدتها التي لا تشبعها عاطفيًا وتعويضها بالهدايا لأنها بالنسبة لها الأم الغائبة التي تلهث وراء الشهرة والجمال والمال والتنقل بين المطاعم والكافيهات والسفر مع الصديقات تاركة الطفلة في يد المربية دون أدنى اهتمام إلى الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية التي تحتاجها هذه الطفلة في أهم مرحلة من مراحل حياتها (الخمس سنوات).
وهناك صرخات ألم لأطفال قرروا أمهاتهم الطلاق؛ لتخبيب الأهل أو الصديقات أو من أجل الاستقرار والنجاح المهني الذي أصبح أولوية أهم من الأسرة وتربية الأبناء، وأطفال وقعوا ضحايا بين والدين يريدوا الانتقام من بعضهم في أبناءهم، فتعجبت من أب يضع حظر لأم بناته ويمتنع من التواصل معهم وتلبية احتياجاتهم وهم في أخطر مرحلة (المراهقة) لانشغاله بأبنائه من الزوجة الثانية دون أدنى مسؤولية لحقوق وواجبات أبناء الزوجة الأولى الذين هم في أمس الحاجة له ، وأب يترك ابنه ذو الأربع سنوات يعاني من البكم الإرادي دون أدنى اهتمام لذلك تاركًا المهمة للأم التي تعاني من ألم الانفصال غير المبرر.
فأوجه ندائي لكل أم وأب قرروا الانفصال لا تضعوا أولادكم في بؤرة الصراع وعدم استخدامهم كسلاح تهديد، فأنتم المسؤولون عن القلق الذي سيعيشه هذا الطفل لإحساسه بالخسارة وبأنه سيكون وحيدًا بعد غياب أو فقد أحد الوالدين أو شعوره بالحقد والغضب اتجاه أحد الوالدين الذي تسبب في هذا الانفصال، وشعوره بفقدان الأمان والاحتكار والنبذ والتشتت بين الوالدين.
فالأبناء أمانة استودعها الله تعالى الآباء والأمهات، فيجب عليهم حفظها من أسباب التلف، وسبل الهلاك، ويجب عليهم تعهدها بالرعاية، قال الله تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ” التحريم:6
وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه ِ “
فاحرصوا على صناعة جيل مستقر لديه صلابة نفسية وثقة بالنفس ومساعدتهم على تخطي الآثار النفسية الناجمة عن الطلاق التي لا تكون على مستوى حاضر الطفل فقط بل سيسبب له صراعات مستقبلية حول الارتباط مما يجعل الطفل حين يكبر أقل حماسًا في الدخول في علاقات طويلة الأمد، أو قد يمر بنفس تجربة والديه وقد أشارت إلى ذلك العديد من الدراسات، وأن يكونوا عونًا لهم في تجاوز هذه المرحلة بعدم انتقاد الشريك الأخر أمام الأبناء وعدم الطلب منهم أن ينحازوا إلى أحد الوالدين، وأن يوفروا لهم الحنان والحب والاهتمام وكل احتياجاتهم مع الانضباط في التواصل بود واحترام وتقدير

[email protected]

Related Articles

Back to top button