أوقاتنا حياتنا
✍عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :
الإنسان حريص على مصالحه الدنيوية، ومن الخسارة أن يمر العمر دون تحقيق إنجازات لنفسه ولمجتمعه، قال الحسن البصري: يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك.
بصير لكل مصيبة في ماله
. وإذا أصيب بدينه لم يشعر
قال مظفر القرمسيني: أفضل أعمال العبيد: حفظ أوقاتهم الحاضرة، وهو أن لا يقصروا في أمر، ولا يتجاوزوا عن حد.
ومن خصائص الوقت أنه سريع الانقضاء، فما إن يبدأ اليوم حتى نجد أنفسنا في نهايته، وقد سئل نوح عليه السلام، وقد عاش أكثر من ألف سنة: كيف مر بك العمر…؟ فقال: كأني دخلت من باب وخرجت من الباب الآخر.
وقال الوزير يحيى بن هبيرة:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
. وأراه أسهل ما عليك يضيع
والأمر الأكبر ليس في قضاء الوقت بل في استثماره، فالناس العاديون يفكرون دائما في كيفية قضاء وقتهم، بينما العظماء يفكرون كيف يستثمرونه، ولو رأيت إنساناً يحرق كل يوم مبلغاً زهيداً من المال فستقول عنه: إنه مجنون، وسفيه، ولا بد أن يحجر عليه، ولكن الذي يضيع جزءاً من عمره فيما لا ينفع هو أعظم سفهاً ممن يحرق المال.
قال الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له
. إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد الموت ذكرها
. فالذكر للإنسان عمر ثاني
وقال الآخر:
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز
. عليه من الإنفاق في غير واجب
ونحن محاسبون أمام الله عن أوقاتنا، ومعنيون بإنجاز أهدافنا الشخصية، وكذلك التوفيق بين العمل وحياتنا الخاصة والعائلية، الشعور بالرضى عن النفس، والتخفيف من ضغوط الحياة المختلفة، وإنجاز أعمالنا بحرفية وإتقان، وكثير من الناس لا يهتمون بأوقاتهم لأنهم لا يدركون أهميتها لعدم وجود رسالة لهم في الحياة، وليس لديهم أهداف واضحة في الحياة، لأنهم تربوا على ذلك في بيوتهم، ومدارسهم، ومجتمعاتهم، مع بعض ما يحملونه من معوقات نفسية كالاعتقاد أن إدارة الوقت عملية صعبة، مع البرمجة السلبية من قبل الأهل والمجتمع، والنظرة المحدودة إلى إمكانياتنا، وأن ليس عندنا قدرة على إدارة أوقاتنا بشكل جيد.