الانتخابات الأندونيسية: حكاية شعب يختار مستقبله
- بقلم د محمد ممدوح - رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري
شمسٌ مشرقة تُشرق على أرخبيل إندونيسيا، حاملةً معها نسماتِ أملٍ وتغيير. اليوم، حيث يزحفُ شعبُ إندونيسيا، من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، نحو صناديقِ الاقتراع في سفارات العالم المختلفة، ليُشاركوا في حدثٍ تاريخيٍ هام، يُشكلُ مستقبلَ بلادهم. حيثتُعدُّ الانتخاباتُ الأندونيسيةُ لعام 2024 حدثًا فريدًا من نوعه، فهي أكبرُ انتخاباتٍ تجرى في يومٍ واحدٍ على مستوى العالم، و يُشاركُ فيها أكثرُ من 200 مليون ناخبٍ لاختيارِ رئيسٍ ونائبِ رئيسٍ، وأعضاءِ مجلسِ النوابِ ومجلسِ الشيوخِ والمجالسِ التشريعيةِ المحليةِ في تجربة مميزة يترقبها العالم لمتابعة ماذا سيحدث في تلك الدولة الكبيرة صانعة القرار في واحدة من أهم مناطق العالم .
تُمثلُ هذه الانتخاباتُ محطةً هامةً في رحلةِ إندونيسيا الديمقراطية، بعد 24 عامًا من سقوطِ نظامِ سوهارتو . فمنذُ ذلك الحين، نجحتْ إندونيسيا في ترسيخِ نظامٍ ديمقراطيٍ تعدديٍ، يعتمدُ على إرادةِ الشعبِ في اختيارِ حكامه.
ولكن، لا تخلو هذه الانتخاباتُ من التحديات. فمن أهمها انتشارُ المعلوماتِ المضللةِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعي مما قد يؤثرُ على سلوكِ الناخبين بالإضافة للعديد من التحيزاتُ الدينيةُ والعرقية وعدم كفاية الوعيِ السياسي بالإضافة للتعصب العرقي الموجود في عدد من المحافظات.
– وعلى الرغم من كل هذه التحديات تسعى الحكومةُ الإندونيسيةُ واللجنةُ الانتخابيةُ العامةُ إلى ضمانِ إجراءِ انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ من خلال حملاتٍ توعويةٍ تشملُ جميعَ أنحاءِ البلاد بالإضافة لمكافحةُ المعلوماتِ المضللة وضمانُ مشاركةِ جميعِ الفئاتِ في العمليةِ الانتخابية بهدف تعزيز مشاركة جميع الفئات وخاصة الشباب في مراحل صنع القرار حيث يلعبُ الشبابُ دورًا هامًا في هذه الانتخابات، حيث يُشكلون أكثرَ من 60% من سكانِ إندونيسيا. ويُظهرُ الشبابُ اهتمامًا كبيرًا بالمشاركةِ السياسية، سعيًا وراءَ التغييرِ وتحسينِ أوضاعهم المعيشية.
– يتنافسُ ثلاثةُ مرشحين على منصبِ الرئيس، وهم السيد أنيس باسويدان وهو الاكاديميٌ المعروف والوزيرٌ السابقٌ للتعليم، بالإضافة للجنرال برابوو سوبيانتو وزيرُ الدفاع ، والذي خاضَ الانتخاباتِ الرئاسيةِ ثلاثة مراتٍ سابقة وأخيراً السيد غانجار برانوفو حاكمُ مقاطعةِ جاوةِ الوسطى، والقيادي البارز بالحزب الحاكم.
حيث يتضمنُ برنامجُ كلِّ مرشحٍ محاورَ رئيسيةً، مثل الاقتصاد والتعليم والصحة والبنيةُ التحتية والأمنُ القومي. ومع ذلك تُشيرُ توقعاتُ بعضِ استطلاعاتِ الرأي إلى أنّ الانتخاباتَ قد تُجرى جولةٌ ثانيةٌ بينَ مرشحين، بينما يرى آخرون أنّ أحدَ المرشحين قد يحصلُ على الأغلبيةِ المطلقةِ في الجولةِ الأولى.
– واستمراراً للرغبة الصادقة من الحكومة الاندونيسية في تعزيز الثقة في العملية الانتخابية تم دعوة بعثاتٌ من المراقبين الدوليين في مراقبةِ الانتخاباتِ الأندونيسية على رأسهم مجلس الشباب المصري ؛ تلك المنظمة الحقوقية التي استطاعت أن تسطر تاريخاً قوياً في رصد ومتابعة الاستحقاقات الانتخابية حول العالم والتي يشهد لها بالنزاهة والحيادية وتمتلك سجل حافل في العديد من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية في دول العالم المختلفة حيث يعمل وفد المجلس على ضمانُ سيرِ العمليةِ الانتخابيةِ بشكلٍ نزيهٍ. ورصدُ أيِّ مخالفاتٍ قد تحدثُ مع إعداد تقرير يتضمن التوصيات والمقترحات التي تستهدف تعزيز تلك التجربة الديمقراطية في الدولة الإسلامية الأكبر على مستوى العالم والتي تجري وسط حماسٌ شعبيٌ يُعكسُ رغبةً في التغيير حيث يُظهرُ الشعبُ الإندونيسيُ حماسًا كبيرًا للمشاركةِ في الانتخابات رغبةٌ في التغييرِ وتحسينِ أوضاعِهم المعيشية.وإيمانناً بأهميةِ الديمقراطيةِ ومشاركةِ الشعبِ في صنعِ القرار أملاً في بناءِ إندونيسيا أكثرَ ازدهارًا وعدالةً.